وبعد: فإنّ الألفاظ مخلوقة، والمعانى مسبوق إليها ومسروقة، والإنسان، فقصير اللسان، عن بديع البيان، والاعتراف بالعجز إنصاف، ويقوم مقام الإدراك بلا خلاف. فالواجب على الأديب الحرّ أن يقبل العذر، ويسامح بالسقطات، ولا يؤاخذ بالغلطات. فالعاقل من عدّت زلاتّه، والفاضل من أحصيت هفواته. وليعلم أنّ الإنسان-وإن كان بفصاحة قسّ وسحبان، وبلاغة قدامة بن حطّان، أو بديع الزمان-فلا بدّ أن ينظر فى أحواله، ويؤخذ عليه فى أقواله. وهذه حالة لم ينج منها من فتح عليه باب، وعرض نفسه لتأليف كتاب. وقد قيل: من صنّف، فقد استهدف. والعبد، فقد استعذر إلى الله وإلى كلّ واقف عليه. وتشفّعت بفضله إليه أن يسامحنى بما اجترحت، ولا يؤاخذنى بما شرحت، ويسبل ذيل الفتوّة فى الإغضاء، على ما يقع عليه من أخطاء، أقال (?) الله عثرته، بمحمد وآله وعترته! وقد أجمع الناس أنّه ليس ببيت واحد سالم من الطعن فيه فى الإسلام، إلا بيت واحد والسلام. وهو قول بعضهم <من الطويل>:

وما حملت من ناقة فوق رحلها … أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد

صلى الله عليه وسلّم!

ثمّ إنّ هذا هو الجزء الأكيس، من قسمة للفلك الأطلس، وهو الجزء التاسع التابع الثامن، القادح من زند القريحة ما كان كامن، المسمّى ب‍ «الدرّ الفاخر، فى سيرة الملك الناصر» التالى لبشاير النصر، لسيّد ملوك العصر، وذلك لمّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015