لعل قولهم: اللغة كائن حي من اصدق القضايا المسلم بها ففي جميع اللغات كلمات تحيا وكلمات تموت والبقاء للأصلح ومن الكلمات التي وئدت في العصور الحديثة كلمة الجراثيم اذ تغير مدلولها الواسع وانحرف الي مجري هو غاية في الضيق انحرافا من الجمال الي نهاية القبح والشناعة.
فالجرثومة في فجرها اللغوي تعبير جميل عن اصل كل شئ ومجتمعه والجرثومة ما اجتمع من التراب في اصول الشجر ... وفي حديث ابن الزبير لما اراد ان يهدم الكعبة ويبنيها كانت في المسجد جراثيم يراد بذلك انه كان فيه اماكن مرتفعة عن الارض مجتمعة من تراب او طين اي ان ارض المسجد لم تكن مستوية فإذا حاولنا ان نفهم هذا النص بالمفهوم العصري اخطأنا المعني المراد وفهمنا ان الارض كانت موبوة بجراثيم امراض اذ اصبح مفهوم هذه الكلمة في عصرنا لا يمكن ان يتعدي هذا المعني الطبي الذي يعم البروتوزوا والفيروسات والفطر والبكتريا كما يقولون.
وكذلك حين نصغي الي قول جرير في مدح عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك بن مروان:
يآل مروان ان الله فضلكم فضلا قديما وفي المسعاة تقديم
قوم ابوهم ابو العاصي وامهم جرثومة لا تساويها الجراثيم
ولا يمكن ان تفسر هذه الجراثيم التي تعني الاصل السامي والعرق الكريم بالمفهوم اللغوي المعاصر