السمة الثانية: عدم تبرير الذنب والجدل فيه، أي: عند الذنب يلزمك الإسراع إلى التوبة من غير جدال، ولا تقول: لا والله ما غلطت، لأن كثيراً من الناس لا يريد أن يظهر بمظهر المذنب أمام الناس، فهذا الصنف لا يفقه أهمية دور النصيحة لإصلاح الفرد والمجتمع، والمسلم مرآة أخيه، فلو أن شخصاً قال لك: إنك أذنبت ذنباً.
ففكر في الذنب بدل أن تجادل وتقول في نفسك: هل أنا حقاً أذنبت أم لا؟ وتبقى تبرئ نفسك أمام الناس، لا، فالصحابة لم يكونوا هكذا، لكن نجد كثيراً بعض الناس يبررون لجرائم خطيرة وكبيرة، فيبرر الاختلاس -مثلاً- من أموال الدولة، ويبرر الظلم الذي يوقعه على خلق الله عز وجل، ويبرر السباب والشتائم والقذف والغيبة، ويبرر كل جريمة وإن عظمت، ويبرر كل معصية وإن كانت مثل ضوء الشمس، والصحابة لم يكونوا كذلك، أي: لم يكونوا يجادلون في ذنوبهم أبداً، ولم يكونوا يبررون معاصيهم، إلا بالتبرير الذي كانوا يعتقدونه أحياناً، لكن لو ظهر لهم الحق اتبعوه مباشرة دون تردد، والصحابة كانوا يرحبون بمن يهدي لهم عيوبهم، ويجلون من يوضح لهم أخطاءهم، فخير أن يبصرك أي إنسان بعيبك وذنبك، فيكون عندك لتتوب من الذنب، بدل أن تستمر فيه اليوم والاثنين والشهر والشهرين، بل والعمر كله، فكان الأفضل والأحسن النصح بالتوبة، أمَّا أن كل إنسان يترك الآخر على هواه إلى أن يلقى العقاب من الله عز وجل فخطأ، لأنه ربما قد يموت وليس هناك وقت للرجعة فيتوب.