وتأمل كيف كان الصحابة يتعاملون مع الذنب عندما يعرفوه من أحدهم، ففي مسلم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتاً يقول: اعلم أبا مسعود لله أقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فهنا في هذا الوقت حصل ذنب، فقد كان الرجل يضرب غلاماً له، والرسول صلى الله عليه وسلم قاله له: (لله أقدر عليك منك عليه) أي: يحذره، فقال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه عند ذلك: هو حر لوجه الله يا رسول الله، فأعتق الغلام، ولم يقل له: والله إن الغلام عمل كذا وكذا، وأنت لا تعرف ذلك يا رسول الله، وأنا قد رأيت ذلك منه، والبارحة قد عمل أيضاً كذا، ويمكن أن يذكر له مبررات كثيرة جداً، وقد تكون بعض هذه المبررات صحيحة، لكنه عرف أنه قد تجاوز، وعند اكتشافه لذلك لم يتردد لحظة في التوبة إلى الله عز وجل، ولم يجادل دقيقة واحدة، ثم قال له صلى الله عليه وسلم: (أما لو لم تفعل للفحتك النار)، وفي رواية (لمستك النار)، يعني: كان خطأً يستحق العقاب الشديد من الله عز وجل، لكن الإنسان مجرد أن تاب إلى الله عز وجل تاب الله عليه، وهذا هو المقصود.