وجملة ذلك أن هذا الدين بين الله فيه للعباد أنه خلقهم لعبادته الجامعة لمعرفته والتقرب إليه بكل قول أو عمل أو مال أو منفعة، وخلق لهم ما في الكون ممهدا مسخرا لجميع مصالحهم، وأمرهم أن يستحصلوا هذه النعم بكل طريق ووسيلة تمكنهم منها، وأن يستعينوا بها على طاعة المنعم. فهل أوضع وأظلم وأجهل ممن أعرض عن هذا الدين الذي هو الغاية والنهاية في الكمال وهو المطلب الأعلى لأولي العقول والألباب، ثم ذهب يستمد الهدى والنفع من غيره وهو يدّعي أنه مسلم، لقد زاده هذا الاستمداد غيا وضلالا. ومن احتج بما يرى من حالة المسلمين وتأخرهم عن مجاراة الأمم في مرافق الحياة فقد ظلم باحتجاجه، فإن المسلمين لم يقوموا بما دعا إليه الدين ولم يحكموه في أمورهم الدينية، والدنيوية ونبذوا مقومات دينهم وروحه واكتفوا بالاسم عن المسمى وباللفظ عن المعنى، وبالرسوم عن الحقائق. والواجب أن ينظر إلى تعاليم الدين وتوجيهاته وأصوله ومقاصده ودعوته لجميع البشر إلى ما فيه خيرهم المتنوع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015