عزيزاً فقده مفقوداً، وموجوداً ما كان ضائراً وجوده. وكأن الخير أصبح ذابلاً والشر أصبح ناضراً. وكأن الفهم أصبح قد زالت سبله. وكأن الحق ولى كسيراً وأقبل الباطل تابعه. وكأن اتباع الهوى وإضاعة الحكم أصبح بالحكام موكلاً؛ وأصبح المظلوم بالحيف مقراً والظالم لنفسه مستطيلاً. وكأن الحرص أصبح فاغراً فاه من كل وجهةٍ يتلقف ما قرب منه وما بعد. وكأن الرضا أصبح مجهولاً. وكأن الأشرار يقصدون السماء صعوداً. وكأن الأخيار يريدون بطن الأرض؛ وأصبحت الدناءة مكرمةٌ ممكنةٌ؛ وأصبح السلطان منتقلاً عن أهل الفضل إلى أهل النقص. وكأن الدنيا جذلة مسرورةٌ تقول: قد غيبت الخيرات وأظهرت السيئات. فلما فكرت في الدنيا وأمورها؛ وأن الإنسان هو أشرف الخلق فيها وأفضله؛ ثم هو لا يتقلب إلا في الشرور والهموم، عرفت أنه ليس إنسانٌ ذو عقلٍ يعلم