وعلى هذا لا نحتاج في قولنا: إن الاستثناء من النفي [إثبات]، إلى شرط. ثم قضية قولنا: إن الاستثناء الثاني إذا وقع بغير حرف العطف يكون صحته وفساده بالنسبة إلى ما يليه من الاستثناء منه أنه إذا قال: لفلان علي عشرة إلا خمسة إلا عشرة: أنه يلزمه خمسة، لأن الثاني باطل، لكونه مستغرقًا، والأول صحيح، لكونه غير مستغرق، فاقتصر عليه.
نعم، لو انعكس الحال، فقال: له علي عشرة إلا عشرة إلا أربعة، ففيه الأوجه المذكورة في نظير المسألة من الطلاق.
قال: وإن قال: له هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدًا، لزمه تسليم تسعة، لأن الاستثناء يصح وإن كان مجهولًا، كما لو قال: له علي عشرة إلا شيئًا، فكذلك هاهنا، إذ لا فرق بين العين والدين.
قال: [ويلزمه البيان]، لأن حق الغير تعلق بالمقر به منهم، فلزمه تعيين، كما لو أقر بطلاق إحدى نسائه على التعيين، أو عتق [أحد عبديه]. ثم هو بالخيار بين أن يعين من استثناه، وبين أن يعين المقر بهم التسعة، فإن نازعه المقر له في التعيين، فالقول قول المقر مع يمينه.
وهكذا الحكم فيما لو قال: له هؤلاء العبيد إلا واحدًا، يصح، ويطالب بالبيان، وهو الذي أورده القاضي أبو الطيب، والحسين، وغيرهما حكاية عن النصف في ((المختصر))، ولم يورد في ((الوجيز)) غيره، وقال ((الرافعي)): إنه ظاهر المذهب.
وحكى في ((الوسيط)) فيها وجهًا آخر: أنه لا يصح، لأن الاستثناء إنما ورد في اللسان عن الأعداد، فلذلك يقبل، وإلا فالأصل أن رفع الإقرار السابق باطل.
فإن قلت: هل يجري هذا الوجه في الصورة السابقة؟
قلت: لا إن جردت النظر إلى ما علل به، لأن العدد ثابت فيها.
نعم: يمكن أن يأتي فيها [من مأخذ] سلكه الإمام في تصحيحه في نظير المسألة، وهو ما إذا أشار إلى عشرة دراهم، فقال: هذه الدراهم لفلان إلا هذا وهذا، متمسكًا بأن إضافة الإقرار إلى معين يقتضي الملك فيه نصًا، فإذا أراد الاستثناء في البعض كان راجعًا.