وإن كان الثاني بغير واو العطف، كان الاستثناء الثاني راجعًا إل ما يليه من الاستثناء الأول، ويعتبر صحته وفساده، لكونه مستغرقًا بالنسبة غليه، لا إلى الأول.

مثاله: إذا قال: له علي عشرة، إلا خمسة إلا اثنين، كان قد استثنى من العشرة خمسة، ومن الخمسة اثنين، والجميع سبعة، فيلزمه ثلاثة، ويشهد لهذه القاعدة قوله تعالى: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ ...} [الحجر:58، 60] فاستثنى ((آل لوط)) من القوم، ثم استثنى امرأته من ((آل لوط)) من غير حرف العطف، فكان راجعًا إلى الاستثناء الذي يليه دون المستثنى منه.

والطريق في معرفة ما يلزمه في مثل ذلك مما لا يلزم إذا تعددت الاستثناءات بعد ما ذكرناه من القاعدة هنا، وما ذكرناه من قاعدة ثانية في كتاب الطلاق: أن الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي العام إثبات، وكذا من غير العام إذا تقدم النفي، إثبات- أن يجمع كل ما هو إثبات على اليد اليمنى مثلًا، وكل ما هو نفي على اليسرى، ثم يسقط المنفي من المثبت، فما بقي منه هو الجواب.

مثاله: إذا قال: له على عشرة، إلا تسعة، إلا ثمانية، وهكذا إلى الواحد، فالمثبت ثلاثون، والمنفي خمسة وعشرون، فإذا أسقطت خمسة وعشرين من ثلاثين، بقيت خمسة فهي اللازمة له.

قال الإمام: والطريق في تمييز المثبتات من المنفيات أن ينظر إلى العدد المذكور أولًا، فإن كان شفعًا فالأوتار منفية، والأشفاع مثبتة، وإن كان وترًا فبالعكس، ولهذا شرط، وهو أن تكون الأعداد المذكورة على التوالي الطبيعي، ويتلو كل شفع منها وتر، أو بالعكس كما ذكرناه.

وقد احترزنا بقولنا: إن الاستثناء من النفي غير العام إثبات إذا تقدمه إثبات عما إذا قال: ليس له علي عشرة إلا خمسة، فإنه لا يلزمه شيء عند الأكثرين، لأن عشرة إلا خمسة خمسة، فكأنه قال: ليس له [علي] خمسة.

وبقولنا: العام، أدخلنا ما لو قال: ليس له علي شيء إلا خمسة، فإنه يلزمه خمسة.

وفي ((النهاية)) وجه آخر في المسألة الأولى: أنه يلزمه خمسة كهذه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015