وأيده بأنه لو قال: له هذا الدرهم، وهذا الدرهم إلا هذا الدرهم، فلا خلاف على بطلان الاستثناء.
ولو قال: له علي درهم ودرهم إلا درهمًا، كان في صحة الاستثناء خلاف. ما ذكره من التصحيح هو ما أورده الغزالي في القسم الثاني من التعليقات من كتاب الطلاق، حيث قال: لو قال: لفلان هؤلاء الأعبد الأربعة [إلا هذا، لم يصح الاستثناء بلا شك، لأن الاستثناء في المعين لا يعتاد، وهذا التعليل يرشد إلى أن هذا مخصوص بما إذا عين المخرج من الجملة، لأنه الذي يعني بالاستثناء، أما إذا لم يعينه، بل أبهمه، كما إذا قال: له هؤلاء الأربعة] إلا واحدًا، فلا، وحينئذ فلا يكون منافيًا لما ذكره هنا.
لكن [لك أن تقول]: الغزالي ساق ذلك لتأييد مذهب القاضي فيما إذا قال لنسائه: أربعتكن طوالق إلا فلانة: أنه لا يصح الاستثناء، لأنه صرح بالأربع، وأوقع عليهن الطلاق، وهذا يدل على أنه عنى بالاستثاء المستثنى منه، وإلا لم يحصل التأييد، وحينئذ تتوجه المؤاخذة.
وقد قال القاضي: لو قال: أربعتكن إلا فلانة طوالق، صح الاستثناء، ونظيره في مسألتنا: أن يقول: هؤلاء الأعبد العشرة إلا هذا لفلان، فيصح جزمًا.
ثم قال الغزالي: والمسألة- أي في الطلاق- محتملة، إذ لا يلوح الفرق بين عدد [المطلقات وعدد] الطلقات، ولا بين التقديم والتأخير.
قال: فإن ماتوا إلا واحدًا، فذكر أنه [هو] المستثنى، قبل منه على المذهب، لاحتمال صدقه، والأصل ثبوت يده عليه، وبقاء تصرفه فيه، وهذا ما حكاه أبو الطيب والماوردي وغيرهما وجهًا، وصححوه، وقال الإمام: إنه الذي قطع به الأصحاب.
وغيرهم قال ما قاله الشيخ.
وقيل: لا يقبل، لأنه يرفع به حكم الإقرار، فأشبه ما لو قال: له [علي] ألف إلا ثوبًا، وفسر الثوب بما يستغرق [قيمة] الألف.