وحكوا عن القديم: أن المعتبر أن يكون وارثًا عن الإقرار، نظرًا للتهمة.
وبعضهم يورد الخلاف المذكور وجهين، والأظهر ما جزم به العراقيون واختيار أبي إسحاق والروياني مقابله.
ولا نظر- بالاتفاق- إلى الحالة المتخللة بين الإقرار والموت، صرح به القاضي والإمام.
ولو أقرت في مرض موتها بأني أبرأت الزوج عن الصداق في حال الصحة لم يقبل على القول الذي عليه نفرع، قاله القاضي الحسين في كتاب التفليس، وهو موافق لما حكاه هنا فيما إذا أقر في المرض: أنه كان قد وهب من وارثه شيئًا في الصحة، وأقبضه إياه: أنه لا يصح على هذا القول أيضًا، دون ما إذا قلنا: إن الإقرار للوارث صحيح، فإنه يصح فيهما.
وقد حكى الإمام مع هذه الطريقة في مسألة الهبة طريقة أخرى قاطعة بالمنع، لذكره ما هو عاجز عن إنشائه في الحال، وهي التي رجحها الغزالي، ويظهر جريانها في مسألة الإبراء.
وقد حكى الإمام عن القاضي اختيار القبول في مسألة الهبة، لأنه قد يكون صادقًا، فليكن له طريق إلى إيصال الحق إلى المستحق، وهذا يوافقه ما ذكره الغزالي في طلاق المريض: أنه إذا أقر في المرض: أنه أعتق في الصحة، لا يحسب من الثلث، وعليه ينطبق قول الماوردي والمصنف والبغوي: إنه لو أقر في المرض: أنه أعتق أخاه في الصحة عتق، ولا يرثه إن منعنا الإقرار [للوارث] دون ما إذا لم نمنعه.
وقول القاضي أبي الطيب الذي حكيته في طلاق المريض: إن المريض [إذا أقر] بما فعله في الصحة، كان كما لو فعله في الصحة، ألا ترى أنه لو أقر في مرضه: أنه وهب في الصحة، وأقبض، كان من رأس المال، أي: كما هو المنصوص الذي صرح بنقله مجلي، لكن قد حكيت عن القاضي الحسين [ثم] أنه قال: لا يبعد أن يجعل من أقر بأنه طلق امرأته في حال الصحة وهو مريض فارًا، لأنه محجور عن إنشاء القطع، وهذا تباين بين.
نعم: لو أطلق الإقرار بالهبة، والإقباض، ولم يسند ذلك إلى حال الصحة،