فيشبه أن يكون كما لو أطلقت المرأة في المسألة السابقة الإقرار [بالإبراء] عن الصداق، وقد قال القاضي في التفليس فيها: إنه يحمل على الإبراء في المرض، فلا يقبل جزمًا، لأنه وصية لوارث.

ولو أقر لوارثه وأجنبي معًا، هل يصح في نصفه للأجنبي، بناء على القول الذي عليه نفرع أم لا؟ فيه قولان لابن سريج، قال ((الرافعي)): والظاهر الصحة.

وقد بقي من أنواع المحجور عليهم المرتد، وإقراره في بدنه لازم، وكذا في ماله قبل الحجر عليه وبعده، وإن قلنا: حجره كحجر المريض. وإن قلنا: كحجر السفيه، قال الماوردي: كانت عقوده باطلة، وفي إقراره وجهان، وبهذا يتم الكلام في الشرط الأول من شروط الإقرار الأربعة، كما قال الماوردي، وهو المقر.

واعلم أن لفظ الشافعي في ضبطه: ((من لم يجز بيعه، لم يجز إقرار))، وللأصحاب فيه تأويلان:

أحدهما- عن ابن أبي هريرة-: أنه من لم يجز بيعه بحال، لم يجز إقراره.

والثاني: أنه من لم يجز بيعه في شيء، لم يجز إقراره في ذلك الشيء.

قال: ويجوز الإقرار لكل من يثبت له الحق المقر به، لأن الإقرار حينئذ يكون قد صادف محله، واحتمل صدقه، وبهذا يخرج ما إذا أقرت المرأة بصداقها، أو الزوج ببدل الخلع، أو المجني عليه بالأرش لغيره، فإنه لا يصح، كما حكي عن صاحب ((التلخيص)) وغيره، لأن الصداق وبدل الخلع لا يكون لغيره، وكذا أرش الجناية على الحر.

وألحق الماوردي بذلك ما إذا أقر بحمل بهيمته لغيره، وقال: إنه لو قال في الصور الأربع: صار ذلك لفلان، صح في الصداق، والخلع، ولم يصح في الحمل، وكان في أرش الجناية على اختلاف حالين:

إن كان دراهم صح، وإن [كان] إبلا لم يصح.

وأطلق في ((التهذيب)) الحكاية عن شيخه بسماع الإقرار في مسائل صاحب ((التلخيص))، لأنه يتصور أن يصير للغير بالحوالة، وحمل ما قاله صاحب ((التخليص)) على الإقرار بذلك حالة ثبوته، فإنه لا يتصور حينئذ ثبوته للغير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015