لازمًا قولًا، واحدًا، ويجعل ما قاله من بطلان إقراره حكاية عن مذهب الغير، وه أبو حنيفة ومالك وابن أبي ليلى، رضي الله عنهم أجمعين.
وقد حكى القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ هذه الطريقة عن أبي إسحاق، وأنه قال: إن القبول هو الذي قطع به الشافعي في كتبه، ولأجل ذلك قال الأكثرون: إن هذه الطريقة هي الصحيحة، وتبعهم الغزالي.
وعلى هذا: فيكون معنى قول الشافعي: من أجاز الإقرار للوارث، أي: في الصحة، لزمته إجازته في المرض من طريق الأولى، لأنها الحالة التي يتوب فيها الفاسق، ويصدق فيها الكاذب، ويؤمن فيها الكافر، فهي أبعد عن التهمة، كما ذكرناه.
ومن أبي، أي: الإقرار للوارث في المرض، لزمه رده في الصحة، لأن التهمة أقوى، وقد [وافق] على قبوله في الصحة، فتعين قبوله في المرض جزمًا، كذا كان بعض مشايخنا يقرره.
لكن في ((الشامل)): أن أبا حامد كان يقول: إن قول المنع منصوص عليه في الإملاء.
وقال ((الرافعي)): إن في ((تعليق)) الشيخ أبي حامد: أنه رجع إلى ذلك بعدما كان يقول بطريقة القطع بالقبول.
قلت: وقول الشافعي في ((المختصر)): ((ولو أقر لغير وارث، فصار وارثًا، بطل إقراره)) صريح في منع الإقرار للوارث.
وعن الإمام مال: إن كان المقر متهمًا لم يقبل إقراره، وإلا قبل، ويجتهد الحاكم فيه.
قال ((الرافعي)): واختاره الروياني، لفساد الزمان.
التفريع:
إن قلنا بصحة الإقرار للوارث فلا كلام، وإن قلنا بمنعه فالمعتبر- كما ذكرنا- كونه وارثًا حقيقة، وذلك إنما يتحقق بالموت، فيكون النظر إليه، وهذا ما أورده العراقيون، والماوردي، وحكاه القاضي الحسين، وتبعه الإمام، والبغوي عن الجديد.