وذاك عام في كل حال للوارث وغيره.
وأيضًا: فإنه لو أقر له [في الصحة] لنفذ، فكذلك في المرض، كالأجنبي.
والجواب عما ذكر من توجيه القول الأول [أولًا] أنه يبطل بالأجنبي إذا أقر [له] بما زاد على الثلث من ماله، فإنه يقبل وإن كان محجورًا عليه فيه.
وعما ذكر ثانيًا: أنا لا نسلم أنه متهم، بل التهمة منتفية عن المريض أشد من انتفائها عن الصحيح، فإنه يكون مشرفًا على الآخرة، وقادمًا على ربه، وذلك أدعى لصدقه، روي أن أبا بكر- رضي الله عنه- قال في عهده لعمر- رضي الله عنه-: ((هذا ما عهد به أبو بكر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند آخر عهده بالدنيا، خارجًا منها، وأول عهده بالآخرة داخلًا فيها، في الحال التي يؤمن فيها الكافر، ويتقي فيها الفاجر)).
[ثم] على تقدير التسليم فالتهمة موجودة فيما إذا أقر لأخيه ولا ولد له، ثم حدث له، ثم مات، وقد سلم الخصم أنه يصح الإقرار له. ومنتفية فيما إذا أقر لأخيه وله ولد وارث، فمات، وصار الأخ وارثه، وقد قال الخصم: إن الإقرار يبطل، وذلك يبطل التعليل بالتهمة.
وأيضًا: فإن التهمة في الإقرار بالوارث أشد منها في الإقرار للوارث، وقد قال: لو تبنى ولدًا، وحرم به ابن عمه الكاشح، لقبل، فهاهنا أولى، وهذه الطريقة أخذت من قول الشافعي في ((المختصر)): ((ولو أقر لوارث، فلم يمت حتى حدث وارث يحجبه، فالإقرار لازم، وإن لم يحدث وارث فمن أجاز الإقرار للوارث أجازه، ومن أبي رده، ولو أقر لغير وارث، فصار وارثًا، بطل إقراره)) انتهى. لأن معنى قوله: ((من أجاز الإقرار للوارث)): أجازه لوجه معتبر، [((ومن أبي رده)) لوجه معتبر،] فهو ترديد قول له، وقد قال الماوردي: إن أبا إسحاق كان يقول بهذه الطريقة في غير ((الشرح))، وأن ابن أبي هريرة كان يجعل إقراره للوارث