والبندنيجي، واستدلوا لذلك بقول عمر- رضي الله عنه- لأبي بكرة: ((تب، أقبل شهادتك))، ولم ينكره أحد.

وفرقوا بينه وبين القاذف سبًا وإيذاء بأن القاذف سبًا مقطوع بفسقه، بنص الكتاب، والفسق عند الشهادة غير مقطوع به، ولهذا اتفقوا على قبول روايته، وعدم قبول رواية ذاك، وعلى هذا قال ابن الصباغ والروياني: من كانت شهادته تقبل بنفس توبته، فالإمام أن يقول له: تب، أقبل شهادتك، كما فعل عمر- رضي الله عنه.

وقال الإمام: الوجه عندنا أن يقال: إذا صرح بتكذيب نفسه فلا يخرج [على] هذا التفصيل وترديد القول، بل يقطع فيه بالاستبراء.

وإذا جاء شاهدًا، في الاستراء قولان مرتبان على ما إذا جاء قاذفًا، وهذه الصورة أولى بالا يشترط الاستراء فيها.

وقال الغزالي: الصواب أن نقول: إن علم-[أي:] القاذف سبًا- أن ذلك حرام، فهو فاسق، فيستبرأ. وإن ظن أن هذا الصدق مباح، فلا حاجة إلى الاستبراء، ويكفي قوله: تبت.

الأمر الثاني: أنه لا يشترط قبول الشهادة بعد التوبة، والإصلاح في العمل أمر آخر، وهو فيما عدا شهادة الزور وما في معناها، والقذف موافق لما أورده الأصحاب إذا كان مقبول الشهادة قبل ذلك.

وأما في شهادة الزور، فقد قال في ((المهذب)): لابد أن يقول: كذبت فيما فعلت، ولا أعود إلى مثله.

قال الرافعي: وقضية ذلك أن يطرد في الغيبة والنميمة.

وفي ((الحاوي)) في بابا ما على القاضي في الخصوم: أنه هل يحتاج إلى النداء عليه بالتوبة من شهادة الزور، كما ينادى عليه عند الحكم بفسقه، لأجل ذلك؟ فيه وجهان، وعلى المنع فالفرق أن ظهور التوبة بأفعاله أقوى.

ولأن في النداء بذلة لا تليق بحال العدل، بخلاف الفسق.

وأما في القذف، فقد ذكرنا عن الشافعي أنه قال: ((والتوبة إكذابه نفسه ...)) إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015