ابن يونس عن بعض أصحابنا وجهًا: أنه لا يشترط في شهادة الزور الاستبراء، وفي القذف]- قاله الشافعي في كتاب الشهادات من ((الأم)) -: أنه لابد من إصلاح العمل، وهو الذي جزم به في ((التهذيب))، لكن ظاهر النص في ((المختصر)): أنه لا يحتاج فيه إلى استبراء، فإنه قال: والتوبة إكذابه نفسه، لأنه أذنب حين نطق بالقذف، والتوبة منه أن يقول: القذف باطل، كما تكون الردة بالقول والتوبة عنهابالقول، فإن كان عدلًا قبلت شهادته، وإلا فحتى يختبر حاله.
واختلف الأصحاب- لأجل ذلك- في المسألة على طريقين:
إحداهما- وهي التي أوردها الماوردي والبندنيجي والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ-: أن المسألة على قولين:
أحدهما: أنه لا يشترط، لأن القاذف يحتمل أن يكون صادقًا، فلا حاجة فيه إلى التشديد.
وأصحهما في ((الرافعي)): الاشتراط، وهو المختار في ((المرشد))، لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [النور:5]، فصار كما في سائر المعاصي.
قال أبو الطيب: والقائلون بالأول حملوا الآية على التأكيد.
والثانية: تنزيل النصين على حالين، والقائلون بها اختلفوا:
فمنهم من حمل ما في ((الأم)) على ما إذا صرح بتكذيب نفسه، وما في ((المختصر)) على ما إذا لم يصرح.
ومنهم من حمل ما في ((الأم)) على ما إذا لم يطل الزمان بعد القذف، [وما في ((المختصر)) على ما إذا طال الزمان بعد القذف] وحسنت سيرته، ثم تاب بالقول، كما سنذكره.
ومنهم من حمل ما في ((الأم)) على ما إذا قذف سبًا وإيذاء كما هي صورة مسألتنا، وما في ((المختصر)) على ما إذا جاء شاهدًا ولم يتم العدد، وأوحينا عليه الحد، فإنه لا خلاف- كما قال القاضي أبو الطيب، وتبعه ابن الصباغ وصاحب ((البحر)) -: في أنه لا يجب في حقه الاستبراء وهو الذي أورده الماوردي