قلت: ولعله أخذ من قول الشافعي في الأم: ((أشهر))، قال أبو الطيب: وهذا لا معنى له، فإنه لم يرد في الشرع تقدير بستة أشهر في الأحكام.
والثاني: أن المعتبر مضي مدة يغلب على ظن الحاكم فيها صلاحه، [وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فإذا غلب على ظنه صلاحه] وتوبته، قبلت شهادته، وهذا ما صححه القاضي الحسين، وتبعه الإمام والعبادي.
وقال الإمام في تضعيف سواه: وكيف المطمع والتقدير لا يثبت إلا توقيفًا؟!
أما إذا كانت المعصية كفرًا، كما إذا ارتد من هو مسموع القول في الشهادة فلا يشترط في قبول شهادته استبراء بإصلاح العمل بلا خلاف، بل يكفيه النطق بالشهادتين، والتبرؤ من كل دين خالف [دين] الإسلام مع التوبة الباطنة، كما سنذكرها.
قال الأصحاب: والفرق: أنه إذا أسلم فقد أتى بضد الكفر، فلم يبق بعد ذلك احتمال، وليس كذلك إذا كان قد زنى، أو شرب، ثم تاب، لأن التوبة ليست مضادة لمعصيته بحيث تنفيها من غير احتمال، فلهذا اعتبرنا في سائر المعاصي صلاح العمل، هكذا قاله القاضي أبو الطيب وغيره.
وقال الماوردي: إن الحكم كذلك إذا تاب من الردة عفوًا غير متق بها القتل، أما إذا أسلم عند إثباته للقتل، لم تقبل شهادته، إلا أن تظهر منه شروط العدالة، باستبراء حاله، وصلاح عمله.
ثم ظاهر كلام الشيخ يقتضي أمرين:
أحدهما: أنه لا فرق فيما ذكره من اعتبار الاستبراء بين أن تكون المعصية قذفًا أو غير قذف، وهو في غير القذف موافق لما [أورده الأصحاب، كما حكاه