والثاني: أنهما صارا عدوين، ولهذه العلة لا تسمع شهادتهما للمرأة به أيضًا، بخلاف ما لو شهدا أنه قذف أنه قذف أمهما وامرأة أجنبية، فإن شهادتهما للأم [لا تسمع] للبعضية، وفي سماعها للأجنبية قولان، لأجل تبعيض اللفظ.

وكذا قولهم فيما لو شهد شاهدان على شخص: أنه قطع علينا وعلى هؤلاء الطريق، لا تسمع في حق الجميع، لأنهم صاروا خصومًا، كما قاله أبو الطيب، وأي عداء كشهر السلاح عليهما، وأخذ نفوسهما ومالهما، كما قاله الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي الحسين والإمام.

ويوافق ذلك- أيضًا- ما حكي عن القفال: أنه إذا عادى الشخص من يريد أن يشهد عليه، وبالغ في خصومته، فلم يجب، وسكت، ثم شهد عليه- قبلت شهادته، وإلا لاتخذ الخصماء ذلك ذريعة إلى إسقاط الشهادات.

لكن في ((تعليق)) الشيخ أبي حامد وغيره- كما قال الرافعي-: أن الشافعي صور العداوة الموجبة للرد بما رجل رجلًا، أو ادعى عليه أنه قطع عليه الطريق، وأخذ ماله، فقال: ((يصيران عدوين، فلا تقبل شهادة واحد منهما على الآخر))، فاكتفى بالقذف دليلًا على العداوة، ولم يتعرض لطلب الحد.

وقذف الأم والزوجة هل يحلق العداوة بين القاذف والولد والزوج أم لا؟ فيه خلاف حكاه الإمام في كتاب اللعان، وسيظهر لك أثره في التفريع، وكلام البغوي يقتضي أن قذف الزوجة يلحقها دون قذف الأم، كما سنذكره.

فرع: قال في ((البحر)) في الفروع المذكورة بعد كتاب الأقضية: إذا شهد على الميت، وهو خصم الوارث، هل تسمع شهادته؟ يحتمل وجهين:

أحدهما: لا تسمع، لأن الضرر يعود إلى الورثة، لأنهم لا يستحقون التركة مع بقاء الدين، فهي شهادة على الخصم في الحقيقة.

والثاني: تسمع، لأن هذه الشهادة على الميت لا عليه، لأنه يقول: أشهد أن على هذا الميت كذا، ولا حق على الوارث، وإنما ينتقل إليه حق القضاء.

ولو كان الشاهد خصمًا للميت دون الوارث فوجهان:

فعلى الوجه الأول: تقبل.

وعلى الثاني: لا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015