والمغصوب منه على الغاصب، والمسروق منه على الساق، وولي المقتول على القاتل، كذا أطلق قوله، وظاهره يقتضي أن مجرد القذف وغيره يحصل العداوة.

وكذلك قال في كتاب اللعان: إن شرط سماع شهادة المقذوف على القاذف: أن يعفو عن الحد قبل الشهادة، وأن يكون قد حسن حاله معه، ولا يضر إذا وجد ذلك أن يذكر في شهادته عليه بقذفه لغيره قذف نفسه، إخبارًا عن الحال، وسنذكر ما يعضده عن النص.

وفي ((تعليق)) القاضي الحسين في كتاب اللعان- وهو المذكور في ((التهذيب))، وغيره-: أن المقذوف لو شهد على القاذف بقذف أجنبي منفرد عن قذفه، سمعت شهادته، إذا لم يطالب بالحد، سواء عفا عنه أو لا.

وادعى الإمام وفاق الأصحاب على ذلك، قياسًا على ما لو شهد عليه [فقذفه المشهود عليه، فإن الشهادة لا تبطل.

نعم، لو طلب الحد ثم شهد عليه] لم تسمع شهادته، وكذا لو لم يطلب الحد، وشهد، ثم طلبه قبل الحكم- بطلت، قاله القاضي الحسين والبغوي.

وكذا لو شهد اثنان من المقطوع عليهم الطريق على القاطع بقطع الطريق على غيرهما، ولم يتعرضا لأنفسهما- سمعت، كما نص عليه الشافعي، وقال: إن القاضي لا يسألهما: هل قطع عليهما الطريق أو لا؟ ولم يخالفه الأصحاب في ذلك، وقالوا: إنه لو سألهما، فلهما ألا يجيباه، فإن ألح قالوا: لا يلزمنا الجواب عن هذا، وإنما عندنا شهادة أقمناها، كذا قاله الإمام في باب [حد] قاطع الطريق.

ولو تعرض الشاهد لكونه قطع عليه الطريق، لم تسمع شهادته.

وعلى هذا ينطبق قول القاضي أبي الطيب وغيره في باب حد قاطع الطريق: [لو شهد رجلان] على رجل بأنه قذفهما وامرأة أجنبية، لا يثبت القذف في حقهما، ولا في حق الأجنبية:

أما في حقهما، فلأمرين:

أحدهما: أنهما صارا خصمين، وشهادة الخصم على خصم لا تقبل، للحديث السابق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015