شهادته في الترجمة، ولم يحك الماوردي وابن الصباغ غيره، وهو الصحيح كما حكيناه من قبل، لكنا حكينا ثم عن رواية صاحب ((التقريب)) وجهًا: أنه لا يسمع في الترجمة أيضًا.
وأبدى ابن الصباغ احتمالًا في إلحاق صورة رابعة بما ذكرناه، فقال: ينبغي أن يكون [من] قد ألفه، وعرف صوته ضرورة أن يجوز له أن يشهد عليه، لأن ذلك يقين، ولهذا قال أصحابنا: يجوز أن يشهد على طريقة الاستفاضة، وأنه يحتاج أن يسمعه من اثنين عدلين، حسب ما ذكروه، ولابد أن يعرفهما حتى تعرف عدالتهما، وإذا صح أن يعرف الشاهد صح أن يعرف المقر، وهذا كله مفرع على منع سماع شهادة الأعمى مطلقًا.
[وقد] قال الرافعي: إن الوجه المذكور في صحة قضاء الأعمى- على ضعفه- يطرد في الشهادة، وعلى هذا فلا حاجة إلى استثناء.
فرع: هل تجوز رواية الأعمى؟
قال العراقيون: نعم، للتساهل فيها.
وقال الإمام: تردد أئمتنا في روايته، والأظهر: منعها إذا كان السماع في حالة العمى.
ووجه الجواز إذا حصلت الثقة الظاهرة: أن عائشة- رضي الله عنها- كانت تروي من وراء الستر، ومعظم الروايات عنها، والبصير في هذا المقام كالأعمى.
وهذا منه قد يفهم أن الخلاف يجري في رواية ما تحمله قبل العمى، وهذا مما [لا] خلاف فيه، كالشهادة، صرح به الرافعي.
تنبيه: قوله ((فيعلقه)) هو بفتح الياء، واللام، أي: يقبضه ويتعلق به، كما ذكرنا.
قال أهل اللغة: يقال: علق به يعلق علقًا، كفرح يفرح فرحًا: إذا تعلق به.
قال: ولا تقبل شهادة الوالد لولده وإن سفل، ولا شهادة الولد لوالده وإن علا، لقوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} [البقرة:282].
والريبة تتوجه إلى شهادة بعضهم لبعض، لما جبلوا عليه من الميل والمحبة،