الطين ونتف اللحية))، وهذا قاله بعد أن جزم القول بأن الشهادة لا ترد به، لأنه ليس بحرام وإن كان مكروهًا، وقال ها هنا: إن رد الشهادة به أصح عندي.

وضرب لا يكون شرطًا فيها، وهو الإفضال بالمال، والطعام، والمساعدة بالنفس والجاه.

وضرب مختلف فيه، وهو على ضربين: عادات، وصنائع.

فأما العادات: فهو أن يقتدي فيها بأهل الصيانة [دون أهل البذلة في ملبسه ومأكله وتصرفه، فلا يتعرى من ثيابه في بلد يلبس فيه أهل الصيانة ثيابهم، ولا ينزع سراويله في بلد يلبس فيه أهل الصيانة] سراويلاتهم، ولا يكشف رأسه في بلد يغطي فيه أهل الصيانة رءوسهم. وإن كان في بلد لا يتحامى أهل الصيانة ذلك فيه، كان عفوًا: كالحجاز، و ((البحر)) الذي يقتصر أهله على لبس المئرز.

وأما المأكل فلا يأكل على قوراع الطرق، ولا في مشيه، ولا يخرج عن العرف في مضغه، ولا يغالي بكثرة أكله.

وأما التصرف فلا يباشر ابتياع مأكوله ومشروبه، وحمله بنفسه [في] بلد يتجافاه أهل الصيانة إلى نظائر هذا مما فيه بذلة وترك تصون.

قال الإمام: إلا أن يتبع في ذلك رأي السلف، والتواضع، ويظهر أنه لم يفعله بخلًا ولا شحًا.

قال الماوردي: وفي اعتبار هذا الضرب من المروءة في شروط العدالة أربعة أوجه:

أحدها: أنه غير معتبر فيها، لأنه قد نقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة ما يقاربه.

والثاني: أنه معتبر فيها وإن لم يفسق به، لأن العدالة في الشهادة للفضيلة المختصة بها، وهي تالية لفضيلة النبوة، قال الله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} الآية [البقرة:143]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} الآية [البقرة:143]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج:33 - 35].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015