قال ابن الصباغ: ولا يفسق الممسك، لأنه يجوز أن يمسكها، ليخللها، والتخليل مختلف في جوازه.

[و] في ((تعليق)) البندنيجي أن الشافعي قال: لو اتخذ الخمر، لم أرد شهادته بذلك، لأنه قد يغيرها بأن يخللها، وقد يريقها.

وفي ((الحاوي)): أنه [إذا] أمسك الخمر، وقصد به أن تنقلب فتصير خلًا، جاز، [ولم] يفسق به، [لأنه] يحل بالانقلاب. وإن قصد ادخارها على حالها، كان محظورًا يفسق به، لأن إمساكها داع إلى شربها، وما دعا إلى الحرام محظور.

فرع: حكى في ((البحر)) في الفروع المذكورة قبل كتاب الشهادات: أن العدل لو نوى أن يواقع كبيرة غدًا: كالقتل، والزنى- لم يصر به فاسقًا.

وإذا نوى المسلم أن يكفر غدًا فهل يكفر في الحال؟ فيه وجهان، والصحيح: أنه يصير كافرًا في الحال.

والفرق: أن نية الاستدامة في الإيمان شرط، والنية لا توجب في حق من لا ذنب له، فإنه ليس الأصل وجوب الفسق، والأصل فقد الإيمان، وإيجاب فعله.

واعلم أنه قد دخل فيما ذكره الشيخ الكافر، لأن الكفر- كما ذكرنا- من أكبر الكبائر.

قال الأصحاب: ولا فرق في عدم قبول شهادته بين أن تكون على مسلم أو كافر، موافق له في الاعتقاد أو مخالف.

قالوا: ولا حجة لمن سمع شهادتهم على أهل دينهم في قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دينهم إلا المسلمين، فإنهم عدول على أنفسهم، وعلى غيرهم))، لأن هذا الخبر لو دل لهم فإنما يدل بالمفهوم، وهم لا يقولون به. ولا يقال: أنتم تقولون [به]، فكيف خالفتموه؟ لأنا نقول: إنما نقول به في الموضع الذي لا يكون غيره أقوى منه، [وهنا ما هو أقوى منه].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015