رَيَّانُ"، وما ذكرناه من أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري: إياك والضجر والقلق والتأذي بالناس، والتنكر عند الخصومة- والمعنى فيه: أنه في هذه الأحوال لا يتوفر على الاجتهاد؛ لشغل قلبه.
وهذا المنع على وجه الكراهة، صرح به القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وصاحب "الكافي"، وكلام الماوردي يقتضي أن الأولى عدم الحكم في هذه الأحوال.
قال: فإن حكم في هذه الأحوال نفذ حكمه.
استدل الأصحاب لهذا بما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ مِنْهَا، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ"؛ فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى [يَرْجِعَ إِلَى] الجَدْرِ"، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَوَاللهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} الآية.
وفي "الحاوي" في أوائل كتاب الأقضية: أنه قيل: إن خصم الزبير حاطب بن أبي بلتعة.
قال الأصحاب: ووجه الدلالة من هذا الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم في حال غضبه.