قلت: وفيه نظر من وجهين:

أحدهما: أن الإمام وصاحب "التهذيب" وجماعة- كما قال الرافعي- قالوا: إن الغضب المنهي عن الحكم معه هو الواقع لغير الله- تعالى- أما الواقع لله- تعالى- في الحكم فلا يكون منهيّاً عنه، وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة لله تعالى؛ فلا [يستدل بحكمه فيه على نفوذه] في غيره، وهذا فيه بعد؛ لأن المحذور من الحكم في هذه الحالة ونحوها- كما ذكرنا- عدم توفره على الاجتهاد، و [ذلك] لا يختلف بين أن يكون لله- تعالى- أو لغيره، وكذلك قال صاحب "البحر" بعد أن [حكاه عن بعض الأصحاب بخراسان، وهو غريب.

الثاني: [أنا] إذا] قلنا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يحكم إلا عن وحي، فالمعنى الذي لأجله [نهى] عن الحكم بسببه منتفٍ في حقه؛ فلا يستدل بفعله الذي لم تشاركه أمته في سببه، على فعل غيره، وإن قلنا بما عليه جمهور أهل العلم، وهو الظاهر من مذهب الشافعي، كما قاله الماوردي في كتاب الأقضية: إن له ولغيره من الأنبياء- عليهم السلام- أن يجتهدوا، فقد اختلف أصحاب الشافعي في أنهم في اجتهادهم معصومون من الخطأ أم لا، على وجهين:

أحدهما: أنهم معصومون؛ لتسكن النفس إلى [التزام] أوامرهم بانتفاء الخطأ عن أخبارهم، وعلى هذا لا يحسن التمسك به أيضاً.

نعم، إن قلنا بالثاني، وهو أنهم غير معصومين من الخطأ؛ لوجوده منهم، لكنهم لا يقرهم الله- تعالى- عليه؛ ليزول الارتياب- فقد يحتج به، والله أعلم.

تنبيه: شراج الحرة: بكسر [الشين] المعجمة، واحدها: شرجة-[بفتح الشين-: مسيل الماء من الحِرار إلى السهل، والحَرَّة: كل أرض] ذات حجارة سود؛ وذلك لشدة حرها ووهج الشمس فيها.

والجدر- بفتح الجيم وسكون الدال المهملة-: الجدار، وقيل المراد به- ها هنا-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015