أما إذا كان لصاحب الوليمة محاكمة، [أو لا وعملت] للقاضي بخصوصه- فهي كالهدية.
وفي "التهذيب": أنه يكره أن يجيب [إلى] دعوة خص بها القاضي أو الأغنياء، فإن دعا جيرانه وهو فيهم، أو دعا العلماء والقاضي منهم- لم تكره [له] الإجابة.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنه إن دعي مع العامة لا تكره له الإجابة، وكذلك إذا دعاه مع جيرانه، وإن دعاه مع السادة والمشايخ تكره له الإجابة؛ لأن الداعي [ربما] [يظن أنه] يتخذ عنده يداً بجمعه بينه وبينهم؛ فيطمع أن يميل فيما يرفعه إليه من خصوماته.
قلت: وما أطلقه من ذكر العامة لعله محمول على من ليس بسفلة منهم، ولا من أراذلهم، فأما المتصفين بذلك فقد ذكرنا في باب الوليمة أن أظهر الوجهين: أنه لا تجب الإجابة في هذه الحالة ولا تستحب، وإذا كان كذلك فقد حضر إلى ما ليس بمطلوب للشارع؛ فينبغي أن يمتنع [من الحضور].
قال: ويشهد مقدم الغائب؛ لأن هذه قربة يندب إليها جميع الناس، فكان الولاة فيها كغيرهم؛ لأن المقصود بها طاعة الله- تعالى- وطلب ثوابه.
ومقدم الغائب- بفتح الميم والدال-: قدومه.
قال: ويسوي بين الناس في ذلك؛ تطييباً لقلوبهم وتحاشياً عن الميل.
قال: فإن كثرت عليه وقطعته عن الحكم امتنع [في حق] الكل؛ لأن القضاء لا يقوم فيه غيره مقامه، وفي حضوره عند الجميع قطع له عنه، وفي حضوره عند قوم دون آخرين ترجيح يورث ضغانة في النفوس.