قال: ويحضر الولائم أي: عند من ليس له حكومة ولم يعملا له بخصوصه؛ لأن الإجابة إلى الوليمة فرض على الأعيان [على قول بعض أصحابنا، وعلى قول آخرين. فرض على الكفاية]. وحضور غيرها من الدعوات مستحب، والجمع بين الفرضين، فرض الحكم [وفرض الإجابة، أو بين فرض الحكم] واستحباب الإجابة- أولى من انفراد أحدهما، هكذا أورده القاضي أبو الطيب، وكلامه في "المهذب" يميل إليه، ومختصر ما حكاه الماوردي ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الإجابة فرض عليه؛ كما هي فرض على غيره؛ فيأثم بالترك.
والثاني: لا تجب الإجابة عليه وإن وجبت على غيره على وجه، بل هي مستحبة.
قال في "البحر": وأخذ هذا من قول الشافعي- رضي الله عنه-: ولا أحب أن يترك الوليمة، إما أن يجيب كُلاًّ أو يترك كُلاًّ. فلم يجعلها واجبة بل جعلها مستحبة، وهذا قول [أبي علي] بن أبي هريرة، ولم يورد ابن الصباغ سواه، وهو الذي صححه في "البحر"، فعلى هذا يكره تركها.
والثالث: إن كان مرتزقاً لم يحضر؛ لأنه أجير المسلمين [فلم يجز أن يفوت [عليهم] حقوقهم [من ذلك الزمان]، وإن كان متطوعاً غير مرتزق [حضر]، وكان كغيره من الناس.
وهكذا حكم الأئمة، ثم على كل حال إذا حضر المرتزق، فإن قل زمان حضوره كاليوم وما قاربه لم يلزمه رد شيء من رزقه، وإن طال- وأقل [زمان طوله] ثلاثة أيام- ردَّ من رزقه بقسط ما أخل من نظره، ذكره في "الحاوي".