قال: وإن احتسب ولم يأخذ، أي: لنفسه وخادمه- فهو أفضل؛ ليقع أجره على الله- تعالى-[مع] أنه أبعد عن التهمة.

وحكى ابن أبي الدم عن الشيخ أبي علي أنه يكره له الأخذ والحالة هذه.

ومحل الجواز إذا لم يجد متطوعاً بالقضاء، فإن وجده وهو صالح، فلا يجوز أن يعطى من بيت المال، صرح به الماوردي وصاحب "البيان"، وأشار إليه البندنيجي وابن الصباغ حيث قالا: ولا يولي من يطلب على القضاء رزقاً، فإن لم يجد كان له أن يولي من يعطيه رزقاً على نظره.

فرع: إذا تعذر الأخذ من بيت المال، فأمر ما يأخذه القاضي من الخصوم وغيرهم قد تقدم، وأما القرطاس ونحوه فقد قال الشافعي- رضي الله عنه-: إنه يقول للطالب: إن شئت فَاتِ بصحيفة تكتب فيها شهادة شاهديك وكتاب خصومتك، ولا أُكرهك، ولا أقبل أن يشهد لك شاهد بلا كتاب. فأنسأ شهادته، واختلف الأصحاب في مراده بقوله: ولا أقبل أن يشهد لك .. إلى آخره، على وجوه ليس هذا الكتاب موضوعاً لمثلها، وإن كنت قد ذكرتها في المبيضة.

وما ذكره الشيخ [من تحريم أخذ الرزق وجوازه، قال ابن الصباغ والبندنيجي:] وهو جارٍ في تحمل الشهادة وأدائها وإقامة الصلاة والأذان، وكذا العون يكون على من أرسله في طلب خصمه، وكذا كراء السجان على صاحب الحق؛ لأنه كالأجير له يحفظ مديونه، صرح [به] الزبيلي، بخلاف أجرة السجن؛ فإنها على المحبوس.

فرع: إذا جعل الإمام على القضاء رزقاً، فإن سماه للأصل اختص به، وإن سمي القضاء وأطلق شاركه فيه خلفاؤه بحسب كفاياتهم في النظر وكثرة العمل، فإن عزل من استخلفه وقام بعمله، جاز أن يأخذ رزقه، وإن لم يقم به لم يجز أن يأخذه، قاله في "البحر" عند الكلام في الاستخلاف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015