أولى؛ لأن النفع بهم أهم [وأعم]، ولأن ما لا يتعين فرضه يجوز أخذ الرزق عليه؛ كغسل الميت وحمله ودفنه.
قال الماوردي: ويكون هذا الرزق جعالة ولا يكون أجرة؛ لأن الأجرة مستحقة بعقد لازم، والجعالة مستحقة بعقد جائز، والقضاء من العقود الجائزة؛ فلذلك كان الرزق عليه جعلاً، وما ذكره من الحكم ينطبق عليه قول ابن الصباغ: لا يجوز عقد الإجارة على القضاء.
ووجَّهه بأنه عمل غير معلوم، والشيخ أبو حامد وجَّهه بأنه عمل لا يعمل الغير عن الغير، وإنما يقع عن نفسه ويعود نفعه على الغير.
وقال البندنيجي: ومن أصحابنا من سها، فقال: يجوز أخذ الأجرة على القضاء.
وعن "فتاوى" القاضي الحسين إلحاق ذلك بالأذان حتى تجوز الإجارة عليه على رأي؛ لأن كل واحد منهما يعود نفعه إلى عامة المسلمين.
قال: وللقرطاس الذي يكتب فيه المحاضر؛ لأن الحاكم لا يستغني عن إثبات الحجج والمحاكمات وكتب المحاضر والسجلات؛ خشية من النسيان، وذلك من عموم المصالح، فكان بيت المال أحق بها.
وفي معنى [ذلك] أرزاق أعوانه من كاتب وحاجب ونائب وقاسم وسجان، وأجرة سجن أو ثمنه وأجير يحضر الخصوم.
قال البندنيجي: وقد بين الشافعي من يأخذ الجعل على عمل الخير فقال: ولو أن القاضي والقاسم وكاتب القاضي وصاحب الديوان وصاحب بيت المال والمؤذنين لم يأخذوا جعلاً وعملوا محتسبين، كان أحب إليَّ، وإن أخذوا جعلاً لم يحرم عليهم عندي، وبعضهم أعذر في أخذ الجعل من بعض، وما منهم من أحد كان أحب إليَّ أن يترك الجعل من المؤذنين، ولا بأس أن يأخذ الأجرة على الحج إذا كان قد حج عن نفسه، ويأخذ الجعل على أن يكتال [للناس، ويزن لهم ويعلمهم القرآن والنحو، وما يتأدبون به من شعر ليس بمكروه ونحوه].