والأول عن أصحابنا بخراسان؛ ولأجله قال الشيخ أبو علي: المعروف لأصحابنا أنه لا يجوز. كما حكاه عنه ابن أبي الدم.

قال: وإن كان محتاجاً جاز [له]؛ لأنه لا يلزمه تضييع أمر نفسه لمراعاة حق غيره.

قال البندنيجي: ولأنه إذا أخذ الرزق في [هذه] الحالة قام بفريضتين: فريضة القضاء، وفريضة الإنفاق على نفسه وعياله، والحاجة تتحقق بأن يكون لا مال له ولا كسب، أو له كسب لكن يتعطل [عنه] بسبب القضاء.

ثم المأخوذ في هذه الحالة ما يحتاج إليه لنفسه ولخادمه من غير إسراف ولا تقتير؛ كما قاله الماوردي.

قال في "التهذيب" و"الكافي": ويعتبر في الكسوة ما يليق بحاله في زمانه، ولا يستحق ذلك إلا من حين وصوله لعمله ونظره فيه، [أو تصديه] للنظر وإن لم ينظر؛ كالأجير في العمل إذا سلم نفسه لمستأجره فلم يستعمله، ولو لم يتصد للنظر فلا رزق له، قاله الماوردي قبل الكلام في العزل.

قال: ومن لم يتعين عليه جاز أن يأخذ [ما يحتاج إليه] لنفسه وخادمه؛ لما روى أبو داود عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقاً، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ"، وَلِأَنَّ عُمَرَ- رَضِي الله عنه- اسْتَقْضَى شُرَيْحاً وَجَعَلَ لَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، [فَلَمَّا أَفْضَتِ الخِلَافَةُ إِلَى عَلِيٍّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- جَعَلَ لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ]، وَقَدْ أَخَذَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى القَضَاءِ رِزْقاً، ولأن الله- تعالى- جعل للعاملين على الصدقات جزءاً منها، والقضاة بذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015