واستدل ابن الصباغ والشيخ في "المهذب" على المسائل الثلاث بأن الأفعال أجناس كالأعيان، ولو حلف على جنس [من] الأعيان لا يحنث بجنس آخر، كذلك إذا حلف على جنس من الأفعال لا يحنث بجنس آخر.
واعلم أن الذوق المتفق عليه: أن يدرك الطعم، ويزدرد من المذوق المقدار الذي يزدرده الذائق، والمختلف فيه ما سنذكره.
وقد حكم الشيخ بأنه لا يحنث بالذوق عند حلفه على الأكل أو الشرب على الإطلاق، وهذا يدل على [أن ما يزدرده الذائق] لا يحنث به، وقد صرح به الإمام حكاية عن القاضي والأصحاب، ثم قال: وقد قال الأصحاب فيمن حلف: لا يأكل-: إن الحنث يحصل بالقليل والكثير، ثم قال: فينتظم من مجموع ذلك مسلكان:
أحدهما: أن المقدار الذي هو على حد الذوق ليس أكلاً ولا شرباً، وإنما يحصل الأكل والشرب بعد ذلك.
والثاني: أن يقال: الزائد على حد الذوق لا يعتبر فيه القصد، وهو أكل أو شرب، والقدر الذي يحصل الذوق به يختلف الأمر فيه بالقصد: فإن قصد به الأكل ولم يقع درك طعمه فهو أكل أو شرب، وإن قصد به درك الطعم فهو ذائق، وليس بآكل ولا شارب.
وفي "التهذيب": أنه متى ذاق ووصل الطعام إلى حلقه، حنث عند الحلف على الأكل، وكذلك في الشرب، والله أعلم.
قال: وإن حلف: لا يذوق شيئاً، فمضغه ولفظه- فقد قيل: يحنث، وهو الأصح؛ لأن الذوق معرفة الطعم، وقد حصل.
قال: وقيل: لا يحنث؛ لأنه لا توجد حقيقة الذوق ما لم يزدرده؛ ولهذا لا يفطر به الصائم.
تنبيه: لفظه: رماه من فيه، وفاؤه مفتوحة، والمرمي يسمى: لفاظة، بضم اللام.
قال: ولو أكله أو شربه، حنث.
وفيه وجه حكاه الرافعي: أنه لا يحنث بهما، وأبداه المحاملي احتمالاً في الشرب.