ولو أوجره في حلقه، لم يحنث، وكذا لو كان الحلف على الأكل والشرب.
قال الشيخ في "المهذب": لأنه لم يأكل ولم يشرب ولم يذق، بخلاف ما لو قال: لا طعمت هذا الطعام، [فأوجر] في حلقه؛ فإنه يحنث؛ لأن معناه: لا جعلته لي طعاماً، وقد جعله طعاماً له.
قال: وإن حلف: لا يأكل سمناً، فأكله في عصيدة وهو ظاهر فيها- حنث؛ لأنه فعل المحلوف، وزاد عليه؛ فأشبه ما لو حلف: لا يدخل على زيد، فدخل عليه وعلى عمرو؛ فإنه يحنث.
تنبيه: العصيدة: معروفة، وسميت بذلك؛ لأنها تعصد، أي: تُلْوَى، ومنه يقال للاوي عنقه: عاصد.
والمراد بالظهور ها هنا: أن يكون ممتازاً في الحس، على ما صرح به الإمام. ولو لم يكن ظاهراً فيها لم يحنث، وكذا لو شربه لم يحنث، وفيه وجه: أنه يحنث بالشرب، وهو ضعيف.
قال: وإن أكله مع الخبز حنث، على ظاهر المذهب- أي: سواء كان جامداً أو مائعاً- لما ذكرناه.
وقيل: لا يحنث- وهو قول الإصطخري- لأنه لم يفرده بالأكل؛ فاشبه ما لو حلف: لا يأكل ما اشتراه [زيد، فأكل ما اشتراه] زيد وعمرو.
ثم هذا الوجه يجري في المسألة الأولى، وقد حكى ابن يونس أن قول الشيخ: وقيل: لا يحنث، عائد إلى المسألتين، وهو موافق لما نقله القاضي والعراقيون عن الإصطخري على ما حكاه الإمام. قال البندنيجي: وهذا الخلاف يجري في كل ما حلف: لا يأكله، فأكله مع غيره؛ كما إذا حلف: لا يأكل الخبز، فأكله مع اللحم، أو لا يأكل اللحم، فأكله مع الخبز.
واستبعد الإمام مذهب الإصطخري فيما إذا أكله مع الخبز؛ فإنه لا يؤكل إلا كذلك، ولا يتعاطى وحده فيبلع. وحكى مجلي أن أبا إسحاق قال: إن كان السمن جامداً، فأكله مع غيره- لم يحنث، وإن كان ذائباً، فأكله مع غيره، حنث. وقد تحصل