الأنصاري أعتق ستة مملوكين له لا مال له غيرهم, فجزأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء, فأعتق اثنين وأرق أربعًا.

قال أصحابنا: ولو يكن له وارث؛ إذ لو كان, لوقفه على إجازته.

واعلم أن ظاهر كلام الشيخ يقتضي أن الزائد على الثلث لا تنفذ [الوصية فيه] بإجازة الإمام, وتوجيهه: أن مال من هذا حاله ينتقل إلى بيت مال المسلمين ميراثًا للمسلمين, والإمام نائب عنهم في التصرف فيه؛ فلا تنفذ الوصية فيما لم يجز الشرع تنفيذه بإجازته؛ كولي اليتيم.

وقد حكى المتولي وجها آخر جزم به في البحر: أنها تنفذ بإجازته؛ إقامة للإمام مقام الوارث الخاص.

وقد جعل القاضي الحسين هذا الوجه الأظهر, مع حكايته وجه المنع, وقال: إن من أصحابنا من قال: إن المال لا يصرف لبيت المال إرثًا, بل صرف المال الضائع؛ لأنا نتيقن أن له وارثا من المسلمين؛ لأنه لا يخلو عن بني أعمام وهم غير معلومين؛ فبقى ضائعا يوضع في بيت المال؛ ليصرف إلى المصارف.

وهذا فيه نظر؛ لأن الميت يجوز أن يكون من زنى؛ فلا بني أعمام له؛ وبذلك ينتفي اليقين, ووراء ذلك وجهان غريبان:

أحدهما: عن شرح أدب القضاء للشيخ أبي عاصم العبادي: أن الوصية نافذة بجميع المال, كمذهب أبي حنيفة؛ تمسكا بأنه – عليه السلام – لما منع سعدا من الزيادة على الثلث, قال: "لأن تدع ورثتك أغنياء ... " الحديث, فجعل المنع من الزيادة حقا للوارث, فلما لم يكن وارثا سقط المنع, هكذا قاله الرافعي, والكتاب المذكور هو "الإشراف", وقد رأيت هذا الوجه فيه, لكنه ذكره بصيغة تحتمل أن يراد بها الوجه الذي حكيناه من قبل, فإنه قال: وإذا لم يكن [له] وارث, صحت الوصية بجميع المال على أحد الوجهين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015