والثاني: حكاه القاضي الحسين في تعليقه: أنه لا تصح الوصية ممن لا وارث له بشيء من ماله للمسلمين؛ بناء على أن المال يصرف لبيت المال إرثا, والوصية للوارث باطلة, وطرده في جواز شيء من مال من قتل من المسلمين – ولا وارث له – لقاتله.

والصحيح ما في الكتاب, وما ذكر في الحديث فللتنبيه على الأخص, وليس بتعليل؛ لأنه لو كان للتعليل لاقتضى جواز الزيادة على الثلث , إذا كان الورثة أغنياء, والفرق بين الوارث المعين والواحد من المسلمين إذا قلنا: إن بيت المال وارث – أن المال في الوارث المعين واصل إليه, فيؤدي إلى اجتماع الميراث والوصية له, والشرع نهى عن ذلك, بخلاف الواحد من الأجانب؛ فإن الوصية إليه ليس من ضرورتها الاجتماع مع الميراث.

قال: فإن كان له وارث, ففيه قولان:

أحدهما: تبطل الوصية, أي بالزائد على الثلث, وتصح في الثلث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى سعدا عن الزيادة على الثلث, والنهي يقتضي الفساد, وهذا ما اختاره كثير من مشايخ خراسان؛ كما نقله في البحر, ويجيء في المسألة على هذا وجه: أن الوصية تبطل في الثلث أيضاً؛ لأن المتولي حكى وجها فيما إذا أوصى بثلثه لوارثه ولأجنبي, ولم يصحح الوصية للوارث: إن الوصية للأجنبي تبطل؛ بناء على تفريق الصفقة, وحكاه في البحر – أيضاً – نظرا إلى أن الصيغة جمعت حلالاً وحراماً, وأشار إليه البندنيجي احتمالاً؛ لأنه حكى عن شيخه عدم البطلان في نصيب الأجنبي, ثم قال: وفيه نظر.

وإذا جرى هذا الوجه ثم وجب جريانه هنا؛ لأن الأصحاب عن آخرهم جعلوا الوصية بالزائد عن الثلث في حق الأجنبي والوصية للوارث بينهما كان من المال على حد سواء في الصحة والفساد في الوصية للوارث والأجنبي؛ وامتناع تخريجه على تفريق الصفقة: بأن العقد مع شخصين ينزل منزلة العقدين, ولو فسد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015