فيما إذا كان لها شرب من نهر أو عين أو بئر؛ لأنه ما من ماء إلا ويتوهم انقطاعه وأما النص فمحمول على ما إذا لم يكن في ذلك عرف جار وإنما يتفق ذلك نادراً، وقد اتفقوا على المنع في هذه الحالة.
ويؤيد ذلك أن النطف- بإسكان الطاء- القليل الذي يقطر، ومنه سمى المنى نطفة، لأنها تقطر.
وقد أغرب في البحر حيث قال: حكى في أرض البصرة وجهاً: أنه لا تجوز إجارتها إلا على شرط أنه لا ماء لها.
فإن قيل: ظاهر كلام الشيخ يقتضي جواز الإجارة عند ري الأرض بمصر، وإن لم ينحصر الماء عنها، كما هو ظاهر نص الشافعي، وذلك يمنع من الزرع، فينبغي ألا يصح قبل انحساره؛ لعدم إمكان اتصال الشروع في الاستيفاء بالعقد.
قلت: لأجل هذا منع بعض أصحابنا العراقيين فيما إذا كان الاستئجار لزراعة ما لا يمكن زرعه [مع] قيام الماء، كما حكاه الإمام، وحمل النص كما حكاه الشيخ أبو حامد على ما إذا كان المستأجر له زراعة الأرز؛ فإنها تمكن مع الماء.
والصحيح عند القاضي الحسين وبه جزم القاضي أبو الطيب: أنه لا فرق بين الأرز وغيره، والنص جار على عمومه؛ لأن الماء إذا كان على الأرض فهو من مصلحتها؛ لأنه يخرق العروق التي فيها فكان بمنزلة العمارة.
وأيضاً فإن الأرض التي لها شرب يصح إكراؤها للزراعة في غير يوم شربها على انتظاره؛ فينعقد العقد على استحقاق المنفعة، ثم يستوفيها على حسب العادة، فكذلك هاهنا [كذا قاله القاضي الحسين].
فإن قيل: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أنه لا فرق بعد حصول الري في جواز الإجارة بين الأرض التي يعلم انحسار الماء عنها وقت الحاجة بأن يكون لها مقطع ينصب إليه الماء أو لا.
والجواز ظاهر في الحالة الأولى دون الثانية؛ فإنه [لا تتحقق] القدرة على الانتفاع عند الحاجة؛ فينبغي أن يمنع في هذه الحالة.
قلت: قد صار إلى هذا بعض المتقدمين، كما حكاه ابن أبي هريرة وجهاً،