إلحاقاً لذلك بحالة العلم بعدم انحساره، وهو موافق مذهب القفال فيما إذا كان الماء معدوماً في الحال وغلب وجوده عند الحاجة، وظاهر النص هاهنا وبه قال أبو إسحاق، وجزم الإمام: الجواز؛ اعتماداً على ما استقر من العرف فيها، ولا يخفى أن محل الجواز عند رؤية الأرض إما قبل الري أو بعده؛ لكون الماء [صافياً، أما إذا لم يرها لكون الماء] كدراً خرج على القولين في بيع الغائب، وكلام القاضي الحسين يقتضي الجواز على الجديد، فإنه قال: الماء وإن كان كدراً فهو من مصلحة الأرض، وامتناع الرؤية بما هو من مصلحة الشيء لا يكون مانعاً من الصحة، كحشو الجبة لما كان مستقراً بما فيه مصلحة لم يمتنع العقد عليه، وهو ما جعله الرافعي الأصح، وإن ثبت الخلاف وضعفه الإمام، وجزم القاضي ابو الطيب والماوردي بخلافه.

واعلم أن الأرض التي لها شرب معلوم إذا أوجرت للزراعة، وصرح بإدخال الشرب فيها، صح ويتبعها الشرب، وإن نفى الشرب عنها صح أيضاص؛ لتيسر سقيها من ماء آخر، وإن أطلق دخل الشرب في الإجارة إذا اطردت العادة بإجارة الأرض بشربها، بخلاف ما إذا باعها لا يدخل [حق] الشرب فيه؛ لأن المنفعة في الإجارة لا تحصل دونه، ولو اضطربت العادة في تبعية الشرب فثلاثة أوجه:

أظهرها: أنه لا يجعل الشرب تابعاً.

والثاني: يتبع؛ لأن الإجارة مفتقرة إليه.

والثالث: أن العقد يبطل من أصله؛ لأن تعارض المعنيين موجب جهالة المعقود عليه.

فرع: لو استأجر أرضاً مطلقاً نظر، إن قال: أكريتك هذه الأرض البيضاء ولا ماء لها لتنتفع بها كيف شئت خلا البناء والغراس- جاز، كما نص عليه الشافعي – وله أن يزرع فيها بماء يسوقه إلى الأرض، أو بماء يحصل من المطر نادراً أو ثلج و [إن] لم يقل عند الإجارة إنها لا ماء لها، فإن كانت الأرض رخوة؛ بحيث يمكن حفر بئر فيها، أو شق نهر إليها- لم يصح العقد؛ لأن الغالب في مثلها الزراعة؛ فكان كذكرها.

وإن كانت صلبة بحيث لا يمكن ذلك ففي صحة الإجارة وجهان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015