أحدها: أنه يلزمه النحر بالبصرة [وتفرقة اللحم على أهلها]؛ اعتباراً بالنذر والعرف.

والثاني: يلزمه تفرقة اللحم بالبصرة، ويجوز له النحر في غيرها؛ اعتباراً بالعرف دون النذر، لأنه لا فضيلة في تعينها بالنذر.

والثالث: يلزمه النحر بالبصرة، وله تفرقة اللحم حيث شاء؛ اعتباراً بالنذر دون العرف.

وإنما لم يجيء هذا الوجه في المسألة قبل هذه في الكتاب؛ لأن صاحب هذا الوجه متبع لصيغة النذر، وصيغة نذره فيها مصرحة بلزوم النحر والتفرقة بها؛ فيشبه أن يكون هو القائل فيها بلزوم النحر والتفرقة بها، نعم: يظهر مجيئه فيما لو نذر النحر خارج الحرم، وتفرقة اللحم في الحرم؛ نظراً لنذره.

فإن قلت: لو صح ذلك، لامتنع أن يجزئه الذبح في الحرم مع أنه أفضل من الذبح في غيره.

قلت: لا يمتنع ذلك؛ لأن من نذر صلاة في المسجد الأقصى أو مسجد المدينة، وقلنا بصحة النذر، وتعين ما نذره، إذا صلى في المسجد الحرام، أجزأه؛ لزيادة الفضيلة؛ كما تقدم؛ فكذلك نقول هاهنا.

ثم الوجهان المذكوران في الكتاب في الصورة الأخيرة جاريان- كما صرح الرافعي وغيره- فيما إذا قال: "لله علي أن أنحر هذه الشاة، أو هذه البدنة"، ولم يتعرض للتفرقة، ولا لكون النحر في موضع معين بلفظه ولا بنيته، وأصحهما: عدم اللزوم أيضاً، نعم: لو قال: "لله علي أن أذبح هذه الشاة، وأفرق لحمها"، ولم يعين له موضعاً- لزمه الذبح، والتفرقة جزماً، وهل يتعين موضعه للتفرقة، أم يستحب، وله الصرف في أي موضع شاء؟

قال الماوردي: فيه قولان مبنيان على اختلاف قولي الشافعي في زكاة المال، هل يكون صرفها في بلد المال مستحقاً أو مستحباً؟ وفيه قولان:

فإن قلنا بالأول، لزمه التفرقة على مساكين بلده، وهل يلزمه الذبح بها؟ فيه وجهان، ولا يخفى أن الوجهين في مسألة الكتاب مفرعان على المذهب فيما لو نذر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015