النحر بمكة: أنه يلزمه النحر والتفرقة [بها].
أما من قال: لا يلزمه ثم، فهو هاهنا جازم بعدم الوجوب.
فرع: لو قال: "لله علي أن أضحي بنيسابور"، ولم يتعرض لتفرقة اللحم بها، وفرعنا على أنه لو قيد النذر بالتفرقة بتلك البلد، لوجب الوفاء بموجب تقييده، فهل يتضمن إضافة التضحية تفرقة اللحم على التخصيص؟
قال بعض أصحابنا: تضمن ذلك تخصيص أهل البلدة بالتفرقة؛ وعلى هذا هل تتعين البقعة للتضحية وإراقة الدم؟ على ما ذكرنا من الوجهين.
قال الإمام: فإن قيل: كيف يثبت التضمن، ولم يثبت اللفظ المصرح به؟ يعني: كيف يثبت تعين أهلها بالتضمن، ولم يثبت تعين البلدة للنحر، وقد عينها؟ قلنا: لأن تفرقة اللحم على أهل بقعة مستندة إلى أصل في الشريعة، والتضحية في غير الحرم لا أصل لها، ومن خصص التضحية بها فلا محمل لتخصيصها إلا ابتغاء طراوة اللحم إذا فرق.
فإن صور مصور إخراجاً ونقلاً على القرب، أجبنا عنه بقاعدة الحسم في أمثال ذلك.
وقال بعضهم: لا يتعين أهل البقعة، والله أعلم.
قال: ومن نذر أن يهدي شيئاً معيناً إلى الحرم، أي: مثل أن قال: "لله علي أن أهدي هذا إلى الحرم؛ إن شفى الله مريضي" فشفاه الله، أو قال: "لله علي أن أهدي هذا" وقلنا: يلزمه ذلك على أصح الوجهين.
قال: نقله إليه؛ إن كان مما ينقل، أي: كالأثمان، والمتاع، والحيوان؛ لتخصيصه الحرم بذلك، وتعلق القربة به.
قال القاضي الحسين: ومؤنة النقل عليه، وكذا علفه إلى أن يصل إن كان حيواناً؛ كما قاله الماوردي أيضاً؛ وهذا بخلاف ما لو قال: "جعلت هذا هدياً إلى الكعبة"، لا يلزمه المؤنة، بل يباع منه شيء بقدر المؤنة؛ قاله الفوراني وغيره، وفي "البحر" نسبة هذا إلى القفال.
قال الرافعي: وقد أطلق مطلقون: أن المؤن في ماله، فإن لم يكن له مال بيع منه ما