ويجوز أن يقال: لا يثبت النذر، لا لفساده بفساد شرط مقترن به، ولكن لأن ما التزمه لم يلزمه، وهو لم يلتزم إلا التصدق على أهل البلد التي عينها، أو على زيد.

ثم إذا قلنا: لا يتعين أهل تلك البلد للتفرقة، فلا يتعين [البلد] لإراقة الدم.

وإن قلنا: يتعينون، فهل يتعين البلد للإراقة؟ فيه وجهان:

أحدهما: يتعين.

والثاني: لا، حتى لو أراق الدم بالقرب، ونقل اللحم غضاً طرياً- جاز.

قال: وإن نذر النحر وحده، أي: في بلد آخر بأن قال: "لله علي أن أنحر هذه الشاة- أو هذه البدنة- بالبصرة مثلاً"، فقد قيل: يلزمه النحر والتفرقة؛ لأن النحر على وجه القربة لا يكون إلا بالتفرقة، فإذا نذر النحر تضمن التفرقة؛ فصار كما لو نذرها.

وقد روي أن رجلاً نذر أن ينحر إبلاً في موضع سماه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قال: لا، قال: "هل كان فيه عيد من أعيادهم؟ " فقال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوف بنذرك".

وعلى هذا يجيء ما ذكرناه في الصورة السابقة، صرح به الرافعي؛ وهذا الطريق يشهد له ظاهر لفظ المزني، وقد اختاره أبو إسحاق وصاحب "المرشد" وغيره؛ كما سنذكره.

وقيل: لا يلزمه أي شيء، بل يلغو نذره؛ لأن النحر وحده في غير الحرم لا قربة فيه، وهو لم يلتزم التفرقة؛ فلم تلزمه؛ وهذا ما نص عليه في "الأم"، وصححه النواوي؛ تبعاً للرافعي والروياني وغيرهم، وهو قول المعتبرين؛ كما قال الإمام، ونسبوا المزني إلى الغلط في النقل.

وقال القاضي أبو الطيب: إنه ليس بصحيح؛ لأن ما ليس بواجب إذا لم يمكن الوصول إلى الواجب إلا به صار ذلك الشيء واجباً؛ كما نقول في غسل الوجه، والسعي إلى الجمعة، وغير ذلك.

وحكى الماوردي في هذه الصورة ثلاثة أوجه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015