قال الماوردي: ينظر: فإن كان من أهل مكة، لم يلزمه بهذا النذر أكثر من صلاة ركعتين؛ لأنه في الحرم الذي حرمته مشتركة، وعليه ينطبق قول الشيخ أبي محمد: إنه إذا نذر صلاة في الكعبة، فصلى في أطراف المسجد الحرام؛ خرج عن النذر، وأن الزيادة التي رويت في الحديث السابق: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وصلاة في الكعبة [تعدل] مائة ألف صلاة في المسجد الحرام" لم يصححها الأثبات.
وإن كان من أهل الحل، لزمه هذا النذر؛ كمن نذر المشي إلى الحرم، وفيما ينعقد [به] نذره وجهان:
أحدهما: بما نذر من الصلاة في الحرم؛ إذا قيل: إنه يجوز له دخول الحرم بغير إحرام، وفي تعيين الصلاة في مسجد الخيف وجهان:
أحدهما: لا تتعين، ويجوز أن يصليها في أي موضع شاء من الحرم؛ لأن حرمة جميع الحرم واحدة، والثاني: يتعين عليه فعلها في مسجد الخيف ولا تجزئه في غيره؛ اعتباراً بصريح نذره.
والوجه الثاني في الأصل: أنه يلزمه بانعقاد نذره أن يحرم بحج أو عمرة؛ إذا قيل: [إنه] لا يجوز دخول الحرم إلا بإحرام؛ وعلى هذا في التزامه ما عقد نذره من الصلاة وجهان:
أحدهما: لا يلزمه الصلاة؛ لأن الشرع قد نقل نذره إلى ما هو أعظم منه؛ فلم يجمع عليه بين بدل ومبدل.
والثاني: أن فعل الصلاة لا يسقط؛ لأنه ملتزم لها بنذره، وملتزم للإحرام بالدخول؛ فلم يجمع عليه بين بدل ومبدل.
قال: ومن نذر النحر بمكة؛ أي: بأن قال: "لله علي أن أنحر هذه الشاة أو البدنة بمكة" مقتصراً على ذلك- لزمه النحر بها؛ لأن النحر في الحرم قربة.
قال القاضي الحسين: ولا يختص بيوم النحر، بل له أن ينحر في جميع الأوقات؛