ثم على تقدير تسليم الحكم، فنقول: الشرع لما أوجب الصلاة، ولم يعين لها موضعاً، دل على أنه لم ينظر إليه؛ فلا يعتبر في النذر- أيضاً- والاعتكاف حيث شرعه خصه بمكان وهو المسجد؛ فجاز أن يخصه الناذر أيضاً؛ وهذا قد أشار إليه القاضي الحسين والفوراني، ثم وراء ما ذكرناه وجوه:
أحدها: أنه إذا نذر أن يصلي ركعتين في مسجد، تعين عليه الصلاة فيه؛ حكاه في "الذخائر"، ونسبه القاضي أبو الطيب إلى قول أبي العباس بن القاص، [ثم قال: وسمعت أبا عبد الله الحسين يقول: هذا ليس بصحيح عن أبي العباس].
والثاني- حكاه مجلي أيضاً-: أن من أصحابنا من قال: إذا نذر الصلاة في الجامع تعين عليه.
والثالث- حكاه في "البحر"-: أنه إذا نذر الصلاة في الجامع، له أن يصلي في مسجد وإن لم يكن جامعاً؛ وهذا يمكن أن يكون أخذ من قول القاضي الحسين؛ فإنه قال فيما إذا نذر الصلاة في الجامع، كان في خروجه عن موجب النذر بالصلاة في السوق إشكال؛ لأن الصلاة في الجامع أفضل من الصلاة في وسط السوق، ولو نذر أن يصلي ركعتين يقرأ في إحداهما سورة البقرة، وفي الأخرى آل عمران- لزمه ذلك؛ لأن طول القيام أفضل؛ فكذا هاهنا الصلاة في المسجد أفضل، والصحيح الأول، وما ادعاه القاضي من لزوم قراءة البقرة وآل عمران، لا يسلم عن النزاع؛ فإن في "النهاية" في كتاب الاعتكاف حكاية الخلاف فيها عن القفال؛ كالخلاف فيما لو نذر أن يعتكف صائماً؛ وعلى هذا لو نذر صلاة ركعتين في مسجد [في] الحرم: كمسجد الخيف، فهل يتعين عليه صلاتهما فيه؟