أن آتي عرفة في يوم عرفة" أولى، وهو ما أورده القاضي في تعليقه.
وقد نسب الرافعي القول بلزوم الحج عند التصريح في النذر بإتيان عرفة في يوم عرفة إلى ابن أبي هريرة، وأن في "التتمة" تقييده بما إذا قال: "يوم عرفة بعد الزوال"، والصحيح الأول، وهو الذي قطع به أئمتنا في الطرق.
أما إذا قصد بنذره المضي إلى الكعبة، أو إلى مكة للحج أو العمرة، لزمه ما قصده بلا خلاف، بل لو قصد بنذره إتيان عرفة للحج لزمه؛ كما قاله الإمام.
ولو قال: "لله علي أن أمضي إلى بيت الله الحرام، لا حاجاً، ولا معتمراً"- قال الأصحاب: ففي انعقاد نذره وجهان، أصلهما- كما قال البندنيجي تبعاً للشيخ أبي حامد- أن من نذر المشي إلى مسجد المدينة، أو المسجد الأقصى، هل ينعقد نذره أم لا؟ لأنه يأتيه لا حاجاً ولا معتمراً؛ كذلك هاهنا غير أن هاهنا متى [قلنا:] ينعقد نذره، لزمه أن يمضي بالنسك.
قال ابن الصباغ: وليس يستقيم هذا البناء؛ لأن من يقول هاهنا: ينعقد نذره، يقول: يلغو قلوه: "لا حاجاً ولا معتمراً"، فلا يكون نذره خالياً من النسك.
قلت: وما ذكره ابن الصباغ من الاعتراض إنما جاء لاعتقاده أن القائل بانعقاد النذر ولزوم الحج أو العمرة إنما صار إليه؛ لاعتقاده أن من نذر المضي إلى بيت الله الحرام، وأطلق- يلزمه الحج أو العمرة من غير بناء على شيء؛ كما هو الصحيح؛ فذلك إلغاء قوله: "لا حاجاً ولا معتمراً" كما وجهه القاضي أبو الطيب.
ويجوز أن يكون هذا القائل إنما صار إلى ذلك؛ تفريعاً على أن دخول مكة يجوز بغير إحرام، وأن مطلق النذر يحمل على جائز الشرع، وأن من نذر المضي إلى مسجد المدينة أو المسجد الأقصى، يصح نذره، ويلزمه الاعتكاف فيه؛ لاختصاص الاعتكاف بالمسجد، ولم يتبع ظاهر النص في لزوم الحج والعمرة بمطلق نذر المضي إلى بيت الله الحرام، بل اتبع مذهب ابن أبي هريرة؛ فإن قضيةذلك صحة نذره، والتزامه الحج أو العمرة- كما تقدم- بناء على ألأصل المذكور؛ فلعل الشيخ اطلع على ذلك وحينئذ يندفع الاعتراض.
وقد سلك الماوردي وغيره في المسألة طريقاً آخر، فقال في انعقاد نذره وجهين؛