وقال الرافعي: إنه يكون التفريع عليه كالتفريع على القول بانعقاد نذره بإتيان مسجد المدينة والمسجد الأقصى كما سنذكره، إلا أن من قال ثم: إنه يتعين عليه الاعتكاف [فيه]؛ لاختصاص الاعتكاف بالمسجد- قال بدله هاهنا: إنه يتعين عليه الحج أو العمرة؛ فإنهما يختصان بالحرم؛ وقد صرح به الإمام- أيضاً- ثم قال: ولو ذكر ذاكر الطواف المحرم، لم يعد.

قلت: وهذا ما حكيته عن القاضي.

والمخير ثَمَّ، يخير هاهنا بين النسك والاعتكاف والطواف والصلاة؛ وعلى ما حكاه الماوردي؛ ينضم إلى ذلك الصوم.

وقد قال الماوردي: إن ما ذكره أبو علي من التخريج في الأصل الذي انبنى عليه هذا التفريع وإن كان محتملاً؛ فإنما يستعمل مع عدم النص، وقد نص الشافعي على وجوب إحرامه في النذر بحج أو عمرة؛ فلم يجز العدول عنه إلى تخريج ما يخالفه.

والفرق بينه وبين سائر البقاع- كما ذكرنا- بخلاف غيره؛ وهذا الخلاف يجري فيما لو قال: لله علي أن أمضي إلى الصفا والمروة أو منى أو مسجد الخيف، أو إلى أي بقعة كانت من الحرم، بخلاف ما لو نذر المضي إلى مر الظهران، أو إلى الميقات، أو إلى عرفات، أو إلى أي موضع كان من الحل؛ فإنه لا يلزمه شيء.

وقال الماوردي: لو قيل: ينعقد النذر في نذره المضي إلى عرفات، كان مذهباً، ويكون المنعقد بنذره الحج دون العمرة؛ لاختصاص عرفة بالحج؛ وهذا لأن قصده عرفة يجب بالشرع- فوجب بالنذر.

ولا يطرد هذا في الميقات؛ لأنه لا يلزمه قصده شرعاً؛ لانعقاد الإحرام قبله وبعده.

وحكى الإمام عن القاضي: أنه تردد جوابه في المسألة:

فقال مرة: إنه يلزمه الحج؛ إذا أطلق إتيان عرفة، وهذا موافق لاحتمال الماوردي.

وقال مرة: إن خطر له شهود عرفة في يوم عرفة، لزمه؛ كما لو نذر المضي إلى بيت الله الحرام.

وإذا كان هذا مع خطور ذلك بباله؛ فمع تصريحه به في نذره بأن يقول: "لله علي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015