فإن صححناه، فهل يلغى الشرط أو يصح؟ فيه وجهان، فإن قلنا: يصح؛ لاتصاله بالنذر، فثلاثة أوجه:
أحدها: يلزمه أن يصلي ركعتين هنالك؛ وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب.
والثاني: أنه يلزمه أن يضم إلى قصد البيت عبادة من صلاة أو طواف أو صيام أو اعتكاف؛ ليصير القصد طاعة إذا اقترن بطاعة.
والثالث: لا يلزمه ذلك؛ لأن قصد البيت طاعة، ومشاهدته قربة؛ وبذلك يحصل في المسألة خمسة أوجه: النذر باطل، النذر صحيح والشرط باطل، النذر والشرط باطل، النذر والشرط صحيحان وعليه فعل ركعتين، النذر والشرط صحيحان وعليه فعل عبادة، هما صحيحان وليس عليه غير القصد، والله أعلم.
فرع: إذا قلنا: يلزمه المضي إلى مكة بحج أو عمرة، فهل يلزمه المشي؟ ينظر: إن كان قد صرح بالمشي، لزمه بناء على الصحيح في أنه إذا كان قد صرح بالمشي، لزمه؛ بناء على الصحيح في أنه إذا نذر الحج ماشياً يلزمه، ويكون ابتداؤه من دويرة أهله، وهل يلزمه الإحرام بالحج أو العمرة من دويرة أهله أو من الميقات؟ فيه وجهان.
أحدهما: من دويرة أهله- أيضاً- لأنه لا قربة في المشي دون الإحرام؛ وهذا قول صاحب "الإفصاح"، وبعضهم ينسبه إلى أبي إسحاق.
والثاني- وهو المشهور عن أبي إسحاق-: أنه يلزمه المشي من دويرة أهله، ويحرم من الميقات.
قال في "البحر": فلا يختلف أصحابنا في وجوب المشي من دويرة أهله، واختلفوا في وقت الإحرام منها، والذي عليه عامة الأًحاب- وهو الصحيح؛ كما قال- الثاني، وما ذكره من الجزم بلزوم المشي من دويرة أهله، هو ما أورده الماوردي؛ لكن في "تعليق" البندنيجي: أنه إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام، كان عليه أن يأتيه ماشياً، ومن أين عليه أن يمشي؟ فيه وجهان [بناء] على الإحرام.
ومن أين يلزمه أن يحرم؟ على وجهين:
قال أبو إسحاق: من دويرة أهله؛ فعلى هذا يمشي من الميقات.