إذا نذر المشي إلى مكة، أو إلى بيت الله تعالى، وسيأتي القول فيه، إن شاء الله تعالى.

وعلى هذا جرى صاحب "البحر" والقاضي أبو الطيب.

والثالث: إن قال: "أمشي حاجاً" يمشي من مخرجه؛ لأن هذا يقتضي أن يمشي في القصد إلى الحج.

وإن قال: "أحج ماشياً" يمشي من مكان الإحرام؛ لأنه [لا] يحج قبل ذلك؛ وهذا ما أورده الفوراني، وقال الإمام: إنه ضعيف صادر عن الجهل بالعربةي، ومقتضى الألفاظ؛ فإنه لا فرق بين أن يقول القائل: "أمشي حاجاً" وبين قوله: "أحج ماشياً"، واللفظان جميعاً يقتضيان اقتران الحج [والمشي]، وما ذكروه من لزوم المشي من مخرجه قبل الإحرام مفرع على أنه لو صرح في نذره بالمشي من مخرجه، يلزمه كما [هو] وجه [حكاه الإمام ومن تبعه، ورآه الرافعي أقرب.

أما إذا قلنا بأنه لو صرح به لا يلزمه إلا من وقت الإحرام، كما هو وجه] آخر، فلا يلزمه المشي عند الإطلاق إلا من وقت الإحرام وجهاً واحداً.

وقد وجه عدم لزوم المشي من مخرجه عند التصريح بالتزامه بأن المشي قبل الإحرام [لا قربة فيه.

وقال الإمام: إن للخلاف التفاتاً على أن الأجير في الحج إذا مات في الطريق] هل يستحق شيئاً من الأجرة أم لا؟

والخلاف المذكور [جارٍ] فيما لو نذر العمرة ماشياً، من أي موضع يلزمه المشي؟ كما قاله الماوردي.

قال: ولا يجوز أن يترك المشي إلى أن يرمي في الحج؛ أي: جمرة العقبة؛ إذا جعله آخر التحللين، ويفرغ من العمرة، أي: إن كان المنذور عمرة؛ لأن بذلك يحصل الخروج من الإحرام بهما؛ وهذا ما أورده البندنيجي وابن الصباغ والبغوي، وهو المنصوص، وكذلك ادعى القاضي أبو الطيب: أنه المذهب.

وحكى مع القاضي الحسين والإمام وجهاً آخر: أنه يجوز له ترك المشي بالتحلل الأول في الحج؛ لأنه فارق اسم الحج المطلق؛ ولهذا يلبس، ويحلق، ويتطيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015