وقال الروياني: إنه غلط، وجعله الغزالي الأظهر، ولا يظهر لهذا الوجه أثر في العمرة، فإنا إن قلنا: إن الحلق نسك، فلا يخرج من العمرة إلا به؛ فلا يركب حتى يأتي به.
وإن قلنا: إنه استباحة محظور، فقد خرج من العمرة بالطواف والسعي؛ فيجوز له أن يركب.
قال القاضي الحسين: والخلاف في المسألة أخذ من قول الشافعي: ولا يترك المشي إلى أن يحل له النساء:
فمنهم من قال: وطئاً؛ فعلى هذا لا يحل له الركوب إلى أن يتحلل التحلل الثاني.
ومنهم من قال: عقداً؛ فعلى هذا يمشي إلى أن يتحلل التحلل الأول؛ فإن العقد يحل له بذلك على أظهر القولين.
ولا خلاف في أنه لا يلزمه المشي لرمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق.
[قال:] فإن حج راكباً من غير عذر، فقد أساء؛ لأنه ترك ما وجب عليه مع القرة، وعليه دم؛ لأنه أتى بأصل الحج؛ وترفه بترك صفة فيه؛ فلزمه الدم؛ كما لو تطيب؛ وهذا هو الجديد؛ كما قال المتولي.
وحكى القاضي الحسين والإمام قولاً نسبه المتولي إلى القديم: أنه لا يحسب له هذه الحجة عن نذره؛ لأنه نذر أن يحج ماشياً، وألزم المشي فيه، ولم يأت بما التزم.
قال القاضي والمتولي: وعلى هذا القول فرع الشافعي؛ فقال: لو مشى بعض الطريق، وركب في بعض؛ قضى، ومشى فيما ركب، وركب فيما مشى.
قال الإمام: ولا يتصور على مذهب الشافعي تطوعاً يسبق الحج الواجب إلا في هذه الصورة على هذا القول.
وقد حكى الغزالي –تفريعاً على الجديد وجهاً-: أنه لا يجب الدم.
قال: وإن حج راكباً؛ لعذر- أي: بأن عجز عن المشي- جاز، أي: الركوب؛ لما روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يهادي بين اثنين، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشي، فقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه،