قال الرافعي: وقد يوجه ذلك بتعارض المعنيين.
والثاني- عن ابن سريج-: التسوية بين الركوب والمشي ما لم يحرم، فإذا أحرم، فالمشي أفضل.
وقال في "الإحياء": ينبغي أن يفصل؛ فيقال: من سهل عليه المشي فالمشي في حقه أفضل؛ لأن الصوم للمسافر والمريض- ما لم يؤد إلى ضعف وسوء حال- أفضل.
قال: ومن نذر الحج ماشياً، أي: بأن قال: "إن شفى الله مريضي فلله علي أن أحج ماشياً" أو: "أمشي حاجاً" لزمه الحج؛ لما سبق من الأدلة.
قال: ماشياً، أي: تفريعاً على الصحيح في أن المشي إلى العبادة أفضل.
قال: من دويرة أهله، أي: يحرم بالحج، ويمشي من دويرة أهله؛ كما قاله المتولي والماوردي والعمراني في "الزوائد"؛ لأن إتمام الحج في الأصل يتعلق بذلك؛ قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] قال عمر وعلي- رضي الله عنهما-: إتمامهما: أن تحرم بهما من دويرة أهلك.
وإذا كان كذلك فتأخيره إلى الميقات رخصة، فإذا نذر رجع إلى الأصل؛ وهذا قول أبي إسحاق؛ كما قال المتولي.
وقيل: من الميقات؛ لأن المطلق يحمل على ما عهد لزومه شرعاً، وهو الإحرام من الميقات؛ وهذا قول عامة الأصحاب؛ كما قال ابن يونس.
والوجهان متوافقان على أنه حيث يلزمه الإحرام يلزمه المشي، وحيث لا يلزمه الإحرام لا يلزمه المشي؛ فلا ينفك أحدهما عن الآخر.
وفي كلام المراوزة خلافه؛ فإن القاضي الحسين وغيره قالوا فيما إذا قال: "لله علي أن أحج ماشياً"، أو: "أمشي حاجاً"- في المسألة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يلزمه المشي من مخرجه الذي يخرج منه.
والثاني: من مكان الإحرام؛ لأنه نذر الحج ماشياً، وإنما يصير شارعاً في الحج بالإحرام؛ وهذا ما صححه الرافعي، وقال: إن به قطع قاطعون، وردوا الخلاف إلى ما