أبو الطيب وغيره [في باب المواقيت]:

أحدهما: أنه راكب أفضل؛ لأنه- عليه السلام- حج راكباً؛ وهذا ما ادعى النواوي في "الروضة" في كتاب الحج: أنه المذهب، ولم يحك في "المهذب" ثم غيره؛ فعلى هذا يلزمه الدم؛ كما صرح به الشيخ، وهو الحكم الثاني؛ لأنه قد ترفه بتركه مؤنة الركوب.

وفيه قول آخر: أنه لا يجزئه الحج ماشياً عن نذره؛ كما سنذكر مثله في المسألة الآتية؛ صرح به المتولي؛ حيث قال: إن الحكم في هذه المسألة تفريعاً على هذا كالحكم في تلك المسألة.

والقول الثاني: إن المشي أفضل؛ لقوله- عليه السلام- لعائشة- رضي الله عنها-: "أجرك على قدر نصبك"، ولأن المشي إلى العبادة أفضل من الركوب إليها؛ ولهذا روي أنه- عليه السلام- لم يركب في عيد ولا جنازة قط؛ وهذا هو الصحيح في "التهذيب" وغيره، والمنصوص عليه في "المختصر"، ولم يورد القاضي أبو الطيب وابن الصباغ سواه هنا؛ فعلى هذا هو مخير بين المشي والركوب؛ كما قال المتولي، ولا يلزمه الدم؛ لأنه فعل الأفضل.

لكن القاضي أبا الطيب والبندنيجي جزما القول بلزوم الدم عند ترك الركوب.

وقال القاضي: إنه لو أكرى ما يركبه، واختار المشي، جاز؛ لأنه قد تكلف المؤنة التي شرطها.

وإيراد البغوي يقتضي: أن ما ذكره الشيخ هو المذهب أيضاً؛ لأنه الذي صدر به كلامه، ثم قال: وقال الشيخ: عندي لا دم عليه؛ لأن عدوله عن الطريق الأسبق؛ لزيادة الثواب؛ فلا دم عليه.

ووراء ما ذكرناه من القولين في أن الأفضل الركوب أو المشي؛ وجهان.

أحدهما: عن الصيدلاني أنهما سواء، وقد حكاه في "البحر" قولاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015