في الحج عنه. زنسب الجواز إلى بعض البصريين؛ وعلى هذا نتبين عدم الوجوب على المبذول [له] الطاعة. وقال: إن الصحيح عدم الجواز؛ لأن بذله الطاعة قد ألزم غيره فرضًا لم يكن, [و] في رجوعه إسقاط الفرض قبل إقامته, ولا يجوز إسقاط الفرض بعد وجوبه إلا بأدائه.
ثم قال: فإن قيل: لو بذل الماء لغيره في السفر عند عدمه, لم يلزمه إقباضه, وجاز له الرجوع فيه, وإن كان قد ألزم غيره فرضًا ببذله.
قيل: الفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن بذل الماء ليس بموجب لفرض الطهارة, وإنما غير صفة الأداء, وبذل الحج أوجب فرضه.
والثاني: أن المبذول له الماء يرجع غلى بدل يقوم مقام استعمال الماء وهو التيمم, وليس للحج بدل يرجع إليه المبذول له, والله أعلم.
[قال في البحر: وعلى هذا لو كان الباذل الأب للابن, وأوجبنا به الحج على الابن: فهل يجوز رجوعه؟ فيه وجهان].
قال: والمستحب لمن وجب عليه الحج أو العمرة ألا يؤخر ذلك, أي: عن أول سني الإمكان, فإن أخره وفعل قبل أن يموت, لم يأثم.
هذا الكلام ينظم حكمين:
أحدهما: أن فرض الحج أو العمرة إذا وجب لا يجب فعله على الفور.
ووجهه: أن فريضة الحج نزلت سنة ست من الهجرة –كما تقدم ذكره وأنه الصحيح- أو سنة خمس, وفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة –شرفها الله تعالى-[فى] سنة ثمان, وأمر فيها عتاب بن أسيد, فحج فيها بالناس, ثم بعث أبا بكر سنة تسع, فحج بالناس, وتأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مشغول بحرب ولا خائف من عدو ومعه مياسير الصحابة: كعثمان بن عفان, وعبد الرحمن بن عوف, ثم أنفذ علي بن