السابع: أنه لو بذل له المال ليستأجر به من يحج عنه, لم يلزمه فرض الحج؛ وهذا ما دل عليه مفهوم كلامه, وهو المشهور فيما إذا كان الباذل [له] أجنبيًا, وادعى القاضي الحسين: أنه لا يختلف المذهب فيه, لكن لماذا؟ فيه معنيان:

أحدهما: لأنه يحوج إلى تملكه, ولا يلزم الإنسان تملك مال الغير.

والثاني: لما يلحقه من المنة فيه.

وعليهما يخرج ما لو كان الباذل له الولد وإن سفل, فإن قلنا بالأول لم يجب هنا أيضًا, وهو الأصح في "الحاوي" وغيره. وإن قلنا بالثاني, وجب لأنه لا تلحقه منة يعظم احتمالها من جهة الولد.

وقد أجريا –كما قال ابن الصباغ وغيره- فيما لو بذل الولد لأبيه الصحيح الفقير مالًا ليحج به هل يجب عليه الحج أم لا؟ وقد حكاهما الرافعي في بذل الأجنبي المال –أيضًا- عن رواية الحناطي.

و [عن] صاحب "الفروع" جعلهما مرتبين على الوجهين في بذل الولد في حال المرض وحال الصحة, وهاهنا أولى بالمنع, والأب في بذل المال ملحق بالولد؛ قاله الغزالي.

وحكى الإمام عن شيخه ترددًا في إلحاقه بالأجنبي أو بالابن, ثم قال الإمام: ولعل الأظهر الثاني.

ولو انتفى المعنيان؛ كما إذا كان الولد الباذل للطاعة عاجزًا أيضًا عن الحج, وقدر على أن يستأجر له من يحج عنه, وبذل له ذلك –وجب الحج على المبذول له وجهًا واحدًا؛ قاله البندنيجي, وحكاه في "الزوائد" عن الشيخ أبي حامد والمحاملي وابن الصباغ.

فرع: من يجب الحج ببذله الطاعة, هل له أن يرجع بعد البذل فيها؟

قال الجمهور: إنه ينظر: فإن كان بعد الإحرام لم يجز, وإن كان قبله فوجهان:

المذهب منهما –في "الشامل", ولم يحك البندنيجي سواه- الجواز.

وقال في "الحاوي": إن محلهما إذا كان لم يحرم, وقد أذن له المبذول له الطاعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015