وأما السنة فما روى أبو داود عن زياد بن الحارث الصُّدائي قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فقال: أعطني من الصدقة، فقال له النبي: "إن الله لم يرض بحكم نبيّ ولا غيره في الصَّدقات حتى حكم فيها هو، فجزَّاها ثمانية أجزاء [فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقّك"، فأخبر أنها مقسومة ثمانية أجزاء] وهذا نص لا يحتمل خلافه.
وأما القياس: فلأنه مال أضيف شرعاً إلى أصناف [فلم يجز أن يختص به بعض تلك الأصناف كالخمس، أو لأنه مال أضيف إعطاؤه إلى أصناف موصوفين]؛ فلم يجز تخصيص بعضهم به مع وجود بعض كالوصية، وهذا ما عليه جمهور أصحابنا.
وقد حكي عن المزني وأبي حفص ابن الوكيل البابشامي أنه يصرف خمسها إلى من يصرف إليه خمس الفيء والغنيمة، وليس بشيء؛ لما ذكرناه.
قال أصحابنا: والأصناف الثمانية يستحقون الصدقات للحاجة؛ إلا أن أسباب حاجاتهم مختلفة: فالغزاة وبعض الغارمين والعاملين عليها نعطيهم لحاجاتنا إليهم، وغيرهم نعطيهم لحاجاتهم إلينا، وهم الفقراء والمساكين والمؤلفة قلوبهم، قال القاضي الحسين، على أحد القولين: والرقاب وأحد صنفي الغارمين الذين أدينوا في [مصالح أنفسهم]، وبنو السبيل.
فمن دفعت إليه [لحاجته لم يستحقها إلا من الفقر، ومن دفعت إليه] لحاجتنا جاز أن تدفع إليه مع الغني والفقر. وسيأتي على ذلك كلام الشيخ، رحمه الله.
ثم ينقسم جميعهم ثلاثة أقسام:
[فمنهم] من يأخذها ويستحقها بسبب متقدم وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها؛ لان السبب الذي استحقوا به: الفقر والمسكنة والعمل، وذلك