متقدم على الأخذ، فإذا أخذوا شيئاً استقر ملكهم عليه.
ومنهم من يستحقها بسبب متأخر، وهم بنو السبيل والغزاة، فيأخذ ابن السبيل [ليبدأ بالسفر]، ويأخذ الغازي [ليبدأ جهاده، فإذا اخذوا لم يستقر ملكهم إلا بسفر ابن السبيل وجهاد الغازي]، فإن لم يوجد ذلك استرجع منهما؛ لفقد السبب الذي تعين به الأخذ والاستحقاق، وسيكون لنا عودة إلى شيء من ذلك.
ومنهم من يأخذ بسبب متقدم واستحقاق مستحدث، وهم المؤلفة قلوبهم والمكاتبون والغارمون، وهؤلاء يستقر ملكهم بتغير نيات المؤلفة، وعتق المكاتبين بأداء ما أخذوه، وقضاء ديون الغارمين بالمقبوض، وهكذا الحكم فيما إذا حصل بالمقبوض توفية بعض النجم والدين، ثم حصل العتق بعده، ولا يستقر بدون ذلك، لكنه لا يسترجع منهم ما دام تغيّر النية ورقُّ المكاتب ودين الغارم. [نعم، لو حصل العتق بغير المال المدفوع، وكذا سقوط دين الغارم] فهل يسترجع منه ما أخذه؟ فيه وجهان في آخر "النهاية"، وادعى في "التتمة" أن الظاهر عدم الاسترجاع [والمذكور في "الحاوي" و"المهذب" وتعليق القاضي الحسين وغيرهم: الاسترجاع] وحكى الإمام [هنا] عن صاحب "التقريب" رواية الطريقين [في المكاتب، وكذا القاضي الحسين حكاهما]:
أحداهما: إن كان ما أخذه باقياً استرده قولاً واحداً، وإن كان تالفاً ففي [تغريمه البدل] وجهان.
والثانية: إن كان تالفاً فلا يغرم بدله قولاً واحداً، وإن كان باقياً ففي استرداده [وجهان] والجزم بعدم التغريم عند تلفه قبل العتق، هو المذكور في "الوسيط" و"التهذيب"، ونسب الرافعي القول بأنه يغرم في هذه الحالة إلى رواية أبي الفرج